تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة، على سن القوانين واعتماد الإجراءات التي تضمن حماية مختلف فئات المجتمع، من أطفال ونساء ومسنين من العنف بشتى أشكاله، وذلك لاعتبارات أساسية تقوم على بناء مجتمع آمن وأسرة متماسكة، تعكس مستوى الرقي والتحضر العاليين اللذين تتمتع بهما الدولة، مجتمعاً وأفراداً، لجعلها تتصدر مصاف الدول في الشؤون والمجالات كافة، من خلال توفير أسس الحياة الكريمة والمستقرة للأجيال، بما يعود بالنفع على المجتمع ونسيجه، ويجعله فاعلاً في مسيرة الدولة في البناء والتطور والتنمية الشاملة والمستدامة.
وبمناسبة اعتماد مجلس الوزراء مؤخراً «سياسة الحماية الأسرية»، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن «الإمارات منظومة أسرية متماسكة، استقرارها واستدامتها ينطلق من البيت والأسرة»، وإن «الحفاظ على الأسرة وكيانها أولوية في عملنا ومبادراتنا»، مضيفاً سموه أن «الأسرة نواة الحفاظ على منجزات وطننا واستمراريتها، والارتقاء بقدرات الأسرة الإماراتية لخلق أجيال واعدة مسؤوليتنا جميعاً»، الأمر الذي يشير إلى أولوية دولة الإمارات في الحفاظ على سلامة وكيان الأسرة باعتبارها اللبنة الأولى للمجتمع، بتوفير مناخ آمن لمجتمع سليم معززاً بمبادئ الدين الحنيف في المعاملة الطيبة والتراحم بين أفراد الأسرة، وهو ما جاء لأجله اعتماد هذه السياسة، الرامية كذلك إلى خدمة المرأة والطفل وكبار المواطنين وأصحاب الهمم بشكل خاص، عبر حمايتهم من العنف والإيذاء.
إن تنظيم «سياسة الحماية الأسرية» لإجراءات وآليات العمل في المؤسسات المعنية بمكافحة العنف الأسري، وتعزيز تكامل الأدوار بينها، وتقوية الشراكة بين قطاعات الدولة المختلفة، بما يسهم في استخلاص النتائج والمبادرات لمعالجة القضايا المرتبطة في العنف الأسري.. ليس أمراً جديداً على دولة الإمارات، فلطالما تم اعتماد وتطوير التشريعات والقوانين الخاصة بمكافحة العنف ضد الفئات الاجتماعية، واعتماد برامج ومبادرات مجتمعية توعوية، واتباع نهج يواكب أفضل السياسات العالمية في هذه المجالات، كإقرار برامج تأهيلية وتدريبية لرفع الكفاءات الوظيفية التي تجعلهم أكثر فاعلية في المحافظة على حقوق الفئات الاجتماعية المستهدفة، كالمرأة والرجل والطفل وأصحاب الهمم وكبار المواطنين.
لقد جاء اعتماد «سياسة الحماية الأسرية» لتسهم في تحقيق المزيد من الإجراءات التي تعزز انضمام الدولة إلى منظومة حقوق الإنسان العالمية، وخاصة ما يتعلق بوقف العنف ضد الفئات الاجتماعية المستضعفة، وبما يضمن نشر ثقافة التسامح والاستقرار والتلاحم والترابط، التي تسهم في تقوية نهضة المجتمع وتحقق الرفعة للوطن والمواطن، وتنقل الجميع إلى واقع ومستقبل يتسمان بالسعادة والتميز والتفرد، الأمر الذي يؤكده اعتماد ميزانية اتحادية أكثر من ثلثها في العام المقبل سيكون لتنمية المجتمع وخدمة المواطن، فرعاية الفئات الاجتماعية المستضعفة، وحمايتها من شتى صنوف العنف، يعدّان من أهم الآليات والأدوات التي تلجأ إليها دولة الإمارات في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، وهو ما تدل عليه التشريعات والقوانين التي تم إقرارها في هذه المجالات، كدستور الدولة الذي كفل للطفل الحياة الكريمة التي تحفظ سلامته العقلية والبدنية والنفسية، وقانون الطفل «وديمة» رقم 3 لسنة 2016 لحماية الطفل من جميع أشكال التمييز أو العنف أو الإهمال، ولمنع استغلاله بأي شكل من الأشكال.
إن ضمان سلامة كيان الأسرة، باعتبارها اللبنة الأولى للمجتمع، كان على الدوام الخط العريض العام لدولة الإمارات، وذلك من خلال توجيهات القيادة الرشيدة، التي وجّهت بسد أي فجوة محتملة في بناء الإنسان، والعمل على إعداده لمستقبل آمن ومستقر من خلال العلم والتربية وحماية المجتمع ومكوناته، من الأطفال والنساء وكبار المواطنين وأصحاب الهمم، من أي اضطهاد أو عنف أو استغلال، إضافة إلى إنشاء وتأسيس مراكز الرعاية والإيواء، التي تحقق التماسك الأسري وتحمي سلامة الأفراد ليصبحوا قادرين على تكوين أسر مستقرة ومتماسكة ومتلاحمة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.