قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض يوم الأربعاء. وبالنسبة لترامب، قد تكون هذه الزيارة مناسبة مرحبا بها لتشتيت الانتباه. ذلك أن زيارة أردوغان تتزامن مع بدء أولى جلسات الاستماع العلنية ضمن تحقيق العزل الذي يجريه مجلس النواب مع الرئيس. الزعيمان يشتركان في عدم الثقة في الصحافة الحرة، وازدراء «الدولة العميقة» في بلديهما، وبرنامج للقومية غير الليبرالية يستند إلى الغضب من الأعداء في الداخل والخارج.
ولكن هذه أيضا أوقات عصيبة بالنسبة للعلاقات الأميركية- التركية. ذلك أن إدارة ترامب والمشرّعين في الكونجرس غاضبون بسبب شراء تركيا لنظام صاروخي روسي مضاد للطائرات، والخلاف حول الصفقة سيتصدر أجندة المباحثات الثنائية هذا الأسبوع. وهناك أيضاً الأزمة التي تسببت فيها توغلات تركيا في شمال شرق سوريا – غزو سمح به ترامب، ولكنه أثار حفيظة جزء كبير من مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن ومؤسسة الدفاع.
وفي الكونجرس، حثّ مشرّعو الإدارة الأميركية على إلغاء دعوة ترامب للرئيس التركي، بينما دعا آخرون إلى فرض عقوبات أشد على تركيا. وكان غضبهم الجماعي ظاهراً للعيان عندما صوّت مجلس النواب الشهر الماضي لصالح الاعتراف بمذبحة الأرمن قبل قرن من الزمن في الإمبراطورية العثمانية باعتباره إبادة. كان ذلك قرارا رمزيا تم تجنبه لعقود بسبب ضغط الجماعات الضاغطة التي تعمل لحساب أنقرة والولاء الأميركي لحليف من الناتو، ويشي تمريره بتقدير أقل من واشنطن لأنقرة. إن أردوغان سيضغط على ترامب لوقف إجراء وشيك من قبل وزارة الخزانة الأميركية ضد «بنك خلق» التابع للدولة المتهم في قضية تهرّب من العقوبات تحقق فيها السلطاتُ الأميركية حاليا. ورغم أنه قد لا يحصل على ما يريد بشأن أي من الموضوعين، إلا أن أردوغان اتجه إلى واشنطن وسط مشاعر تفاؤل ملحوظة.
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي متلفز في أنقرة: «إننا على اتفاق مع ترامب من أجل حل المشاكل وتطوير علاقاتنا رغم المناخ الضبابي الذي أصاب علاقاتنا». ولكن من الواضح أن المسؤولين الأميركيين غير مهتمين بتغيير المسار. فقد قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض روبرت أوبريان ل«سي بي إس نيوز» يوم الأحد: (إذا لم تتخلص تركيا من نظام«إس 400»، فإنه ستكون ثمة عقوبات على الأرجح)، في إشارة إلى البطاريات الروسية المضادة للطائرات التي اشترتها حكومة أردوغان. وأضاف: «إن تركيا ستشعر بتأثير تلك العقوبات».
وعلاوة على حمل تركيا على التخلي عن نظام «إس 400»، ستسعى إدارة ترامب أيضاً وراء وقف دائم لإطلاق النار في شمال سوريا، حيث تسببت توغلات تركيا ووكلائها السوريين العرب في فرار مئات الآلاف من المدنيين من منازلهم وسط عدد من التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات وإعدامات جماعية وعمليات نهب. وبدا أن صور الطائرات العسكرية الأميركية المسيّرة التي التُقطت مؤخراً توثّق لعدد من الحوادث التي نفّذتها قوات مدعومة من قبل تركيا والتي قد تشكّل جرائم حرب.
الرابط الرئيس الذي يدعم العلاقات الأميركية- التركية الآن هو الصداقة الشخصية التي تربط الزعيمين. ففي كلمة غير علنية ألقاها في قاعة غصت برجال المال والأعمال في ميامي الأسبوع الماضي، وفق قناة «إن بي سي نيوز»، أشار مستشار ترامب السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون إلى أن اهتمام ترامب بسياسة تركيا نابع من مصالح شخصية ومالية تتعارض مع رأي مستشاري السياسة الخارجية. وينظر مقال في صحيفة «نيويورك تايمز» إلى شبكة المصالح التجارية التي تربط ترامب وصهري أردوغان – أحدهما مستشار كبير للبيت الأبيض، والآخر وزير مالية تركيا – والقناة الخلفية الواضحة التي أنشآها بين الرئيسين.
وقال «إيريك إدلمان»، السفير الأميركي إلى تركيا خلال إدارة جورج دبليو. بوش لصحيفة «نيويورك تايمز»: «إن ترامب يقوم باستبدال العلاقات الرسمية بين الدول في عدد من الحالات بعلاقات بين العائلات، أو علاقات بين الأصدقاء»، مضيفاً «والأكيد أن أردوغان سيفضل هذا النوع من العلاقات على اعتبار أنه يدير نظاماً رأسمالياً خاصاً به قائماً على المحسوبية والعلاقات، غير أن ذلك يجب أن يكون مصدر قلق لجميع الأميركيين».
*صحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»