استراتيجية النهوض بقطاع الصناعة التي اعتمدتها دولة الإمارات العربية المتحدة، جاءت من أجل وضع مجموعة من الممكنات التي تسهم بدعم القطاع في الناتج المحلي الإجمالي على المستوى الاتحادي، والقيام بدور إنتاجي حقيقي قادر على زيادة النمو وتحقيق التنمية المستدامة، وتقوم على الابتكار، بحيث تكون نسبة مساهمته في الناتج غير النفطي للدولة 5% بحلول عام 2021، وتفعيل الصناعات المرتكزة على الاختراعات، وخفض انبعاثات الكربون، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفق برامج عمل واضحة ومتكاملة تمتاز بالقوة والميزة النسبية لكل منطقة، وتوحيد الإجراءات الخاصة بالاستثمار في قطاع الصناعة.
وجاء إطلاق منصة «الإمارات تصنع»، المبادرة المشتركة بين وزارة الطاقة والصناعة والمجلس التنسيقي للصناعة في الدولة، على هامش أعمال المؤتمر العام الـ 18 لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «اليونيدو» بأبوظبي، يوم الأحد الماضي، سعياً إلى تحقيق قدر أعلى من التكامل بين جميع الجهات الصناعية، وتعظيم فرص التعاون بين الشركات والمؤسسات الصناعية في إمارات الدولة، بما ينسجم مع الهدف العام للمؤتمر حول صياغة مستقبل التنمية الصناعية العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. المؤتمر الذي شارك فيه نحو 800 وزير ومسؤول وممثلين عن 170 دولة عضواً في المنظمة، وتستمر أعماله حتى 7 نوفمبر الجاري، جاء فرصة مواتية لإطلاع العالم على ما حققته الدولة في المؤشرات العالمية ذات العلاقة، حيث قال معالي المهندس سهيل المزروعي وزير الطاقة والصناعة، إن دولة الإمارات تقدمت 13 مركزاً خلال ثماني سنوات على مؤشر «اليونيدو» للقدرة التنافسية الصناعية، الذي يقيس أداء 150 دولة حول العالم، حيث تبوأت الدولة المرتبة الـ 41 على مؤشر أداء التنافسية لعام 2018، فيما حققت المركز الأول إقليمياً والخامس عالمياً ضمن أكثر الدول تنافسية في العالم، كما تبوأت المرتبة الثالثة عالمياً في مؤشر «التنوع الاقتصادي»، بحسب تقرير التنافسية العالمية لعام 2019.
لقد جاءت منصة «الإمارات تصنع» تأكيداً لاهتمام دولة الإمارات ببناء اقتصاد تنافسي على مستوى العالم، يتحقق من خلال رفع الإنتاجية، ودعم الشركات الوطنية للوصول إلى الأسواق الدولية، وتعزيز الاستثمار في البحث والتطوير في القطاعات الحيوية الواعدة، وتكثيف الاهتمام بالشركات التي تعمل وفق قاعدة الابتكار والريادة والصناعات المتقدمة في أعمالها، وتطوير استراتيجية اقتصادية وصناعية تستشرف المستقبل، بما يضع الدولة في مصاف الاقتصادات الأكبر على المستوى العالمي، ويحسّن من مستوى الكوادر الوطنية المهني، ويكرّس ثقافة الابتكار والعمل الجاد. وبحسب المزروعي، فإن منصة «الإمارات تصنع» جاءت لجمع المعلومات المتعلقة بالقطاع الصناعي في دولة الإمارات في منصة واحدة، تسهّل على المستثمرين في القطاع المشاركة في النشاطات الصناعية فيها، وتدعم الجهود الرامية لجذب المزيد من الاستثمارات والشركات الصناعية الدولية إلى الدولة، فهي تضم صفحة خاصة لشرح القوانين والإجراءات اللازمة لترخيص الشركات الصناعية، بما يسهم في دفع جهود تطوير القطاع الصناعي في الدولة.
لقد رافق توجه دولة الإمارات نحو تطوير قطاعها الصناعي، توجهها لتحقيق التحول الرقمي في هذا القطاع، من خلال تبني تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، حيث أطلقت الدولة في عام 2017 «استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة»، لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، وتحقيق اقتصاد تنافسي يستند إلى المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية، بما يحوّلها إلى نموذج عالمي رائد في إيجاد أفضل الحلول التقنية في القطاعات كافة، لمواجهة تحديات المستقبل، وتحقيق السعادة والرفاه والاستقرار للأفراد والمجتمعات، ولتصبح الدولة بذلك أيقونة مضيئة لكل الساعين إلى بناء قاعدة صناعية متطورة، تحقق التنمية الشاملة والمستدامة، وتسعى إلى تعزيز العمل المشترك لبناء قطاع صناعي متقدم شامل ومستدام، يقوم على استكشاف التحديات والفرص، ويعمل على تعزيز الابتكار والانتقال للطاقة النظيفة، ويحوّل المجمعات الصناعية إلى مؤسسات صديقة للبيئة والإنسان.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية