تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي غضون سنوات قليلة، من تحقيق مكانة مرموقة لها في قطاع الفضاء، الذي وضعها - بعد أن انطلق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية - أول دولة عربية والـ19 عالمياً بين قائمة الدول التي أرسلت أبناءها في رحلات فضائية إلى المحطة الدولية، وذلك بعد جهود حثيثة واستراتيجيات متميزة قامت على تكثيف العمل لأجل تطوير وتأهيل الكوادر المواطنة الشابة وتمكينهم من كل المعارف والمهارات الخاصة بالقطاع الفضائي، إضافة إلى تعزيز الاستثمار وتبني أفضل التقنيات التكنولوجية فيه.
وفي مواصلة لمسيرة التطور الفضائي، ومن خلال عملها ضمن الاستراتيجية الوطنية للفضاء، خصصت «وكالة الإمارات للفضاء» مؤخراً 6 مبادرات تهدف إلى بناء الثقافة والخبرات الإماراتية العالية في هذا القطاع، سيتم تطبيقها لنشر المعرفة بالأنشطة والإنجازات الفضائية، وترسيخ الشعور بالفخر الوطني، وتحقيق التوافق بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاع، حيث سيتم العمل على تسليط الضوء على حجم الاستثمار الفضائي، وعلى الفرص المتاحة للابتكار والتطوير والبحث في المجال الفضائي، بما يؤدي إلى ترسيخ ثقافة الاستخدامات الفضائية، ويرفع نسبة الوعي بقطاع الفضاء، ويصل به إلى مستويات متقدمة من شأنها إيجاد الحلول للتحديات الأرضية.
المبادرات الـ6 التي تتضمن وضع برنامج للتعريف والترويج لقطاع الفضاء الإماراتي، تأتي ضمن الخطط المستقبلية الرامية إلى تعزيز ثقافة الابتكار ودعم البحث والتطوير في مجال تقنيات وعلوم واستكشاف الفضاء، ودفع عملية تنمية الكوادر البشرية من خلال إطلاق مجموعة من البرامج، تعزز التوافق بين مخرجات مناهج التعليم ومتطلبات القطاع، وتتيح الفرصة أمام الطلبة لاكتشاف مواهبهم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتشجعهم على دخول القطاعات العلمية، بما يتماشى مع جهود تحقيق «رؤية الإمارات 2021» في تطوير الكفاءات المواطنة التي ستقود مرحلة التحول نحو الاقتصاد المعرفي.
إن اهتمام دولة الإمارات بترسيخ مكانتها في قطاع الفضاء، جاء مواكباً لريادتها الإقليمية في هذا المجال، من خلال ما تم إنجازه من مشاريع بحثية استثنائية، تعدّ الأحدث والأفضل حوكمة واستدامة ستقود القطاع نحو آفاق الريادة العالمية، حيث جاء إعلان الوكالة مؤخراً تفاصيل «الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء 2030»، لينسجم مع مستهدفات الدولة في تنظيم قطاع الفضاء من خلال تحقيق أهداف رئيسية تقوم على توفير خدمات فضائية منافسة ورائدة عالمياً، وتعزيز القدرات المتقدمة في البحث والتطوير والتصنيع لتكنولوجيا الفضاء محلياً، وإطلاق مهمات فضائية علمية واستكشافية، وتعزيز ثقافة وخبرة وطنية عالية في هذا المجال، وتشكيل شراكات واستثمارات فاعلة في صناعة الفضاء محلياً وخارجياً، ووضع بنية تشريعية وتحتية داعمة لمستقبل القطاع.
كما جاء إعلان الوكالة «الخطة الوطنية لتعزيز الاستثمار الفضائي» بهدف ضمان مساهمة القطاع في تنويع الاقتصاد الوطني، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية في صناعة الفضاء، وبما يسهم في تحقيق السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، واستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، وبناء اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والتطبيقات التكنولوجية المتطورة.
«وكالة الإمارات للفضاء» التي تحددت أهدافها بتنظيم وتطوير القطاع الفضائي الوطني لدعم الاقتصاد الوطني المستدام، وتنمية الكوادر البشرية ودعم مشاريع البحث والتطوير في قطاع الفضاء، وتعزيز وإبراز دور الدولة على الخريطة الفضائية إقليمياً وعالمياً، وضمان تقديم الخدمات كافة وفق معايير الجودة والكفاءة والشفافية، وترسيخ ثقافة الابتكار في بيئة العمل المؤسسي، أكدت أن مبادراتها الـ6 الأخيرة، تتضمن توفير مناهج وبرامج تعليمية محلية ومنصات تفاعلية لطلبة الجامعات حول تقنيات الفضاء، دعماً للكوادر الوطنية من طلاب الجامعات، تقودهم نحو المشاركة في شتى البرامج الفضائية، عبر إيجاد بيئة جاذبة تمكّنهم من ممارسة النظريات التي يتم تعلمها، لأجل بناء ثقافة وخبرة وطنية عالية في مجال الفضاء، وجذبها إلى العمل في مختلف مشاريعه في المستقبل القريب.