بعد شهرين فقط من الاحتفال بمرور 50 عاماً على هبوط المركبة «أبولو 11» على سطح القمر، قالت ناشطة المناخ السويدية «جريتا ثونبيرج» (16 عاماً)، للزعماء المجتمعين في الأمم المتحدة، إنهم قد سرقوا أحلامها من خلال عدم اهتمامهم بإيقاف التغير المناخي خلال مهلة الثماني سنوات التي حددتها المنظمة الدولية. واليوم، يمكن للكونجرس أن يعيد لـ«جريتا» حلمها المتعلق بالمناخ. والوسيلة هي خطة الرئيس ترامب لجعل وكالة «ناسا» الفضائية تعيد الأميركيين إلى القمر بحلول عام 2024. لكن هذه المرة، لا يجب الذهاب فقط من أجل الوصول إلى القمر؛ بل يجب أن ننطلق بخطة لبدء خطة تكنولوجية كانت قيد الدراسة لعقود. هذه التكنولوجيا هي الأقمار الاصطناعية الشمسية. وكما تصورها المهندس «بيتر جلاسر» عام 1968، فإن هذه المجموعات الضخمة -إطارات خفيفة الوزن على بعد عدة أميال ويمكنها حمل ألواح رقيقة – ستدور على ارتفاع 22.000 ميل فوق خط الاستواء في مدار متزامن مع الأرض. وبسبب ميل الأرض، فإن الأقمار الاصطناعية في هذا المدار لن تكون في ظلها. وهذا يعني أنها ستكون معرضة باستمرار لأشعة الشمس، والتي يمكن أن تحولها إلى كهرباء. ويمكنها بعد ذلك استخدام إشارة ميكروويف تشبه إشارة الهواتف المحمولة لإرسال هذه الكهرباء بأمان إلى قرون استشعار كبيرة على الأرض تحتها في أي مكان على الكوكب، وإلى الشبكة. وكل من هذه الأقمار الاصطناعية سينقل بين 3000 و15.000 ميجاوات إلى الأرض، ما يكفي لإمداد عدة مدن بالطاقة. واليوم يمكن لـ1000 ميجاوات أن تزود مليون منزل أميركي بطاقة دائمة.
أمضى جلاسر عقوداً وهو يدلي بشهادته أمام الكونجرس بشأن الفوائد الهندسية والبيئية لهذه الأقمار الاصطناعية، كما فعلت «رالف ناسين» التي ترأس برنامج بوينج للأقمار الاصطناعية في الثمانينيات والتسعينيات، و«جون مانكينز» الذي ترأس مكتب البرامج المتقدمة التابع لناسا في التسعينيات وأوائل الألفية الثانية. وعندما أصاب حظر النفط الولايات المتحدة في السبعينيات، طلب الكونجرس من «ناسا» تحديث خطة جلاسر.
تستند الاقتراحات التي حلمت بها شركات «جنرال داينمكس» و«بوينج» إلى خبرتنا السابقة في استكشاف القمر بوساطة رواد الفضاء، والتي انتهت عام 1972، وأول محطة فضائية لناسا «سكاي لاب»، والتي أطلقت عام 1973. ومع هذه النجاحات السابقة، لاحظ البعض أن رواد الفضاء يمكنهم بناء محطات فضائية تشبه «سكاي لاب» في المدار الأرضي المنخفض الذي يبعد بمسافة 200 ميل، حيث تقوم الفِرق والروبوتات بتجميع الأقمار الاصطناعية الضخمة. ثم تعمل الصواريخ ببطء على دعم الأقمار الاصطناعية الجاهزة حتى تصل موطنها الذي يقع على مسافة 22.000 ميل. واقترحت جنرال داينمكس إمكانية بناء مصانع على بعد 220.000 ميل من الأرض. وسيقومون بتصنيع مكونات الأقمار الاصطناعية من المواد المحلية، ومن ثم إطلاقها باتجاه الأرض لتستقر في مدارها المتزامن مع الأرض. وبسبب انخفاض جاذبية القمر وعدم وجود غلاف جوي، ستكون التكاليف 10% من تكاليف الإطلاق من الأرض. ورغم أن هذا لا يفسر تكاليف وتعقيدات إنشاء منشآت التصنيع على سطح القمر، فإنها لا تزال صفقة ضخمة، نظراً لأن الأقمار الصناعية ستزن عشرات الآلاف من الأطنان.
وكما يعلم مهندسو الفضاء في تلك الحقبة، فإن الحد الحقيقي لم يكن السماء، بل كان الميزانية الفيدرالية. فهذه الخطط كانت ستتكلف أكثر من برنامج أبولو بأكمله. لكن الأمر المؤثر هو أن كهرباء الأقمار الاصطناعية الشمسية كانت ستتكلف أكثر بكثير من الكهرباء التي يتم إنتاجها على الأرض، لذا تم تنحية التصميمات جانباً.
وفي كل عقد زمني، كانت شركة ماركينز وغيرها تعيد مراجعة الأرقام باستخدام صواريخ محسّنة ومكونات أقمار اصطناعية أخف وزناً. كانت التكاليف تقل، لكن ليس بالقدر الكافي.
وفي العام الماضي، قام «بول جافي»، في مختبر الأبحاث البحرية بالولايات المتحدة، بتطوير مكونات قمر اصطناعي تزن عُشر تلك التي قاموا بتجربتها قبل خمس سنوات. واليوم تستخدم شركات الصواريخ الخاصة، مثل «سبيس إكس» و«بلو أوريجين»، صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام لإطلاق أقمار اصطناعية بثلث تكلفة علم 2014. يقول جافي وماركينز إن هذه التحسينات ستجعل هذه الطاقة الدائمة من الأقمار الاصطناعية الشمسية تحسّن سعر الوقود الأحفوري والطاقة النووية حول العالم.
ويمكن تعديل خطة ناسا الحالية لإعادة رواد الفضاء إلى القمر عام 2024 للبحث عن مواقع لتصنيع الأقمار الاصطناعية الشمسية. خلال العقد الماضي، اكتشفت الأقمار الاصطناعية التي تدور حول القمر كهوفاً هائلة، تسمى أنابيب الحمم البركانية، يمكن أن تؤوي هذه المصانع وتحميها من الإشعاع وتقلبات درجة الحرارة الجامحة على السطح. كما قامت الأقمار الاصطناعية القمرية بتحليل الخامات المعدنية على السطح، والتي تمكن معالجتها واستخدامها لبناء مكونات الأقمار الاصطناعية الشمسية. وبمجرد معالجتها، فهذا من شأنه أن يحافظ على رواد الفضاء، ويوفر وقود الصواريخ لتدشين المكونات.
وإذا تابعت الولايات المتحدة مثل هذه المشروعات، ستنضم إلى سباق فضاء جديد جارٍ بالفعل. فقد أعلنت الصين هذا العام عن بناء أقمار اصطناعية شمسية خاصة بها، ما قد يسمح بالهيمنة على سوق الكهرباء الذي تبلغ قيمته اليوم 4 تريليونات دولار. لكن لأن تكنولوجيا الفضاء لدينا أفضل من نظيرتها في الصين، يمكن لأقمارنا الاصطناعية أن تستحوذ على هذا السوق قبل 2030.
وهناك أيضاً «الصفقة الجديدة الخضراء»، التي تدعو إلى إنفاق تريليونات الدولارات من أموال دافعي الضرائب على تطوير تكنولوجيا جديدة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أميركا وإنقاذ الكوكب. إننا ننتج 15% فقط من الانبعاثات في العالم، لكن يمكننا بيع أقمارنا الاصطناعية الشمسية وقرون استشعارها المعلقة التي تشبه شبكة صيد السمك، لجميع أمم الأرض. يمكن لأعمال الزراعة وتربية الماشية أن تستمر بأمان تحت قرون الاستشعار، في حين أن تريليونات من دولارات ضرائب الدخل يمكن أن تتدفق داخل الخزينة الفيدرالية الأميركية بدلاً من خروجها.
*يوجين مايرز
مهندس أميركي متقاعد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»