يرى مارك زوكربيرج أن دافع «فيسبوك» وراء إصدار عملته الرقمية «ليبرا» نابع من «الإيثار»، والاهتمام بفقراء العالم والمحرومين. وأخبر زوكربيرج لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي في بداية الإدلاء بشهادته يوم الأربعاء الماضي حول هذه المسألة المثيرة للجدل: «هناك أكثر من مليار شخص حول العالم ليس لديهم حساب بنكي، والنظام الحالي يخذلهم!».
لكن لسوء الحظ بالنسبة لزوكربيرج، فإن اهتمامه المفترض بالمحرومين في أرجاء العالم سرعان ما يخضع للتدقيق. فقد أشار النائب الديمقراطي «جريجوري ميكس» إلى أن البنوك التي تقدم قروضاً بفوائد يومية تزعم أيضاً أنها تساعد الناس الذين لا يملكون حسابات بنكية، وأخبر زوكربيرج الذي يعتبر من أثرى أثرياء العالم قائلاً: «إن الكلمات تختلف عن الأفعال يا سيدي».
ولو أن هناك شعوراً بالخزي في الولايات المتحدة، لما كنت أكتب هذا المقال، ولأصلح زوكربيرج شركته بصورة جذرية، ولم يكن ليدلي بشهادة أمام مجموعة عدائية من المسؤولين المنتخبين بشأن مبادرة عملته الرقمية غير المكتملة. وقائمة مشاكل فيسبوك تبدو بلا نهاية، من الأخبار الزائفة وخرق البيانات إلى السماح بالتمييز العنصري والعمري في إعلاناتها الموجهة. وخلال الأسبوع الجاري فحسب، وخلال الأسبوع الحالي فقط، اتضح أن 47 ولاية أميركية تحقق حالياً في ممارسات غير تنافسية من قبل فيسبوك، ومثلما أوضح «ميكس»: «لطالما كانت فيسبوك في موقع الاتهام».
لكن في دولة كثيراً ما يخضع فيها الضعفاء للمحاسبة، ويمضي المسؤولون التنفيذيون الأثرياء من مصيبة إلى أخرى بأمان واطمئنان طالما أنهم يحققون أرباحاً لمصلحة مستثمريهم، فإن زوكربيرج مثال يُحتذى به. وربما أن العملة الرقمية ستساعد من لا يملكون حسابات بنكية، لكنها يمكن أيضاً أن تتحول إلى أداة قوية ومفيدة لآخرين من غاسلي الأموال إلى الإرهابيين.
وليس من المفاجئ أن الدول حول العالم تشعر بقلق شديد من أن شركة بهذه القوة وتخضع لعلامات استفهام، تحاول طرح شيء يمكن أن يشبه إلى حد كبير «عملة لا تخضع للمحاسبة».
*كاتبة أميركية
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»