«كلنا شركاء في تعزيز قيم التسامح والمحبة وبث الأمل والتفاؤل والتآلف بين شعوب العالم»، تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما استضافت أبوظبي الزيارة التاريخية لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، لدولة الإمارات العربية المتحدة مطلع العام الجاري، والتي كان عنوانها «لقاء الأخوة الإنسانية»، حيث وضعت تلك الزيارة حجر الأساس لتنمية العلاقات الإنسانية والتحاور بين الشعوب والثقافات. وقد كان من أبرز نتائج تلك الزيارة التاريخية توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» من الضيفين اللذين يُنظر إليهما كرائدين لتعزيز العلاقات الإنسانية والارتقاء بها في العالم. لذا جاءت الوثيقة بما تحض عليه كل الأديان والمعتقدات ولتصبح جسراً استراتيجياً للتواصل والتآلف والمحبة بين الشعوب بمبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة وانطلاقاً من العاصمة أبوظبي.
وجاء المنتدى الرابع عشر لجريدة «الاتحاد»، والمنعقد أيضاً في أبوظبي يوم أمس الأحد، بعنوان «الإخوة الإنسانية.. رؤية الإمارات لعالم متسامح»، امتداداً لفعاليات عام التسامح 2019 الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مؤكداً سموُّه بذلك مكانة دولة الإمارات كقدوة للتسامح على مستوى العالم منذ قيامها في الثاني من ديسمبر عام 1971. وقد عكست فعاليات «منتدى الاتحاد» كافة مخرجات «وثيقة الإخوة الإنسانية»، وشهدها نخبة من المفكرين والباحثين من دولة الإمارات خاصة والعالم العربي عامة. وركزت الجلسة الأولى على «عام التسامح والبعد الإنساني في سياسة الإمارات»، والتي تناول من خلالها الباحثون مفهوم الإخوة الإنسانية، ونهج الإمارات في التعبير عنه قولا وعملا، إضافة إلى إلقاء الضوء على المؤسسات الإماراتية التي تم تأسيسها لتعزيز المشترك الإنساني ومكافحة التطرف، بجانب الدور الخارجي لدولة الإمارات العربية المتحدة والذي يؤكد منهجيتها الواضحة في الإخوة الإنسانية والتسامح.
وتناول المنتدى في جلسته الثانية نجاح الإمارات في نقل رؤيتها حول الإخوة الإنسانية إلى العالمية، من خلال التأكيد على أهمية ونتائج الزيارة التاريخية لقداسة البابا في إطار الرؤية الإنسانية لدى دولة الإمارات، إضافة إلى عرض مضمون وثيقة الإخوة الإنسانية التي تعكس النقلة النوعية في التقارب بين الأديان، وعولمة التسامح فكراً وعملا.. كما استعرض أهمية إعلان قيادة الإمارات عن مبادرة إنشاء بيت العائلة الإبراهيمية الذي يعزز مفهوم الإخوة الإنسانية.
وأخيراً تناولت الجلسة الثالثة للمنتدى مفهوم الأخوة الإنسانية كمقاربة لتعزيز قوة الإمارات الناعمة من خلال مبادرات الدولة في نهج التسامح وقوانينها المناهضة للكراهية.. التي ترسخ صورتها الإيجابية ورؤيتها في مجابهة التطرف، إلى جانب استراتيجية الإمارات في الترويج لمقاربة «الأخوة الإنسانية» من خلال تدعيم الاعتدال والوسطية والحوار بين الثقافات بما يوفر الحصانة ضد دعاة الكراهية ورفض الآخر.
ومما لا شك فيه أن مبادرة جريدة «الاتحاد»، على هامش احتفالاتها بذكرى تأسيسها الـ50، بإطلاق عنوان «الأخوة الإنسانية.. رؤية الإمارات لعالم متسامح» على منتداها السنوي في عامه الرابع عشر، تساهم بقوة في ترسيخ قيم ومبادئ ومكانة التسامح باعتباره جزءاً أصيلا من ثقافة شعب الإمارات العربي المسلم الذي يشتهر على مستوى العالم العربي خصوصاً والعالم ككل بحبه للتسامح والتعايش مع الثقافات المختلفة وتقبّل الآخر، مما يؤكد على مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «إن نهج التسامح والسلام والتعايش الاجتماعي واحترام الأديان الذي تنتهجه دولة الإمارات على أرض الواقع، نابع من إرث الآباء والأجداد وأسهم في ترسيخ مكانتها وعزز من حضورها كدولة تنشد السلام دائماً وتدعم جهود تثبيته وإحلاله بما يخدم خير واستقرار شعوب المنطقة والعالم».