المتأمل في توجهات دولة الإمارات العربية المتحدة، يلحظ انخراطها وإيمانها المطلق بتعزيز قيم إنسانية غاية في السمو، تتعلق بترسيخ قيم التسامح والحوار والتعايش وقبول الآخر، انطلاقاً من الثقافة والممارسة التي أسس لهما باني الدولة الأول، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وانعكاس ذلك على أهداف «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071» في تأثير القوى الناعمة لدولة الإمارات على الصعد المحلية والإقليمية والعالمية، ودعم مكانتها الدولية في المشهد العالمي، من خلال مبادرات وبرامج وطنية، تسهم في نشر ثقافة التعايش والسلام، وتقوية جسور التعاون والتواصل والتلاقي.
ويأتي إعلان معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، أن الدورة الثانية للمهرجان الوطني للتسامح والأخوة الإنسانية، الذي تنظمه الوزارة خلال الفترة 8 - 16 نوفمبر المقبل، تحت شعار «على نهج زايد»، واشتماله على 150 فعالية، تأكيد لمواصلة دولة الإمارات الاحتفاء بذكرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بوصفه رمزاً للتسامح، وإعلاء شأن التعايش والسلم والحوار. كما تشير استفادة 708 أشخاص من بينهم 611 متعاملاً خارجياً، و98 من منتسبي شرطة أبوظبي من 17 مبادرة مشتركة بين ميثاق التسامح وميثاق السعادة، بقطاع شؤون القيادة في شرطة أبوظبي، على استمرارية العمل على المبادرات التي تعمل عليها مؤسسات الدولة الرسمية في ترسيخ عام 2019 عاماً للتسامح، بما يحوّل العاصمة أبوظبي إلى عاصمة عالمية للتسامح، بجعلها بيئة حاضنة لثقافات العالم وحضاراته، وموطناً للشعوب التي تعيش وتعمل على أرضه.
لقد جاء قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بإعلان عام 2019 عاماً للتسامح، حافزاً لجعل مؤسسات الدولة، العامة والخاصة، ومؤسسات المجتمع الدولي تواصل تنفيذ العديد من المبادرات التي تجسد هذه القيمة الإنسانية وتعلي من شأنها، من خلال الارتكاز على محاور رئيسية أهمها: تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع، وترسيخ مكانة الدولة كعاصمة عالمية للتسامح، وتأصيل مفاهيم وممارسات التسامح الثقافي والديني والاجتماعي، وتعزيز خطاب التسامح وتقبل الآخر، من خلال مبادرات إعلامية هادفة.
وتأصيلاً لنشر مفاهيم التسامح على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، تعدّ دولة الإمارات شريكاً بارزاً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة، تتعلق بنبذ العنف والتطرف، وتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب. كما تحتضن الدولة على أرضها مجموعة من الكنائس والمعابد التي تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، بما يرسخ الأمن والسلم، ويحقق العيش الكريم للجميع، ويعزز متانة وصلابة الصلات الإنسانية بين أتباع الديانات المختلفة، تطبيقاً لتعاليم ديننا الحنيف، وتعبيراً عن امتداد ثقافة التواصل الإنساني السائدة في المنطقة منذ القدم، وذلك انطلاقاً من إيمانها باستحالة تحقيق التواصل والتعاون من دون أن يتم ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر.
ويُنظر إلى زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، إلى دولة الإمارات في فبراير الماضي، بدعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بوصفها الزيارة التاريخية الأولى من نوعها لمنطقة الخليج والشرق الأوسط، واللقاء الذي جمعه بالإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتوقيعهما وثيقة «الأخوة الإنسانية» التاريخية، على أنها من أبرز الصور الناصعة والمشرقة في تاريخ الدولة في مجالات تعزيز قيم التسامح والعيش المشترك، التي عكست أجواء المحبة والتآخي الإنساني، وتأكيداً لأهمية التكاتف والمحبة والتعاون، من أجل تحقيق السلام العالمي، وتعزيز التقارب بين الثقافات والأديان والحضارات وبناء الجسور المشتركة فيما بينها، لما لذلك من أهمية في مجابهة كل أشكال الإرهاب والتطرف والعنصرية والكراهية، وردع الأفكار الهدّامة، ودحض دعاوى الحقد والكراهية، واجتثاث جذور التطرف والإرهاب.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيية