ربما كانت إليزابيث ماي الصوت الأخضر الوحيد في الهيئة التشريعية الكندية، منذ أن أصبحت أول عضو منتخب من حزبها في البرلمان قبل ثمانية أعوام. وربما يلتحق بها آخرون. واستطلاعات الرأي توضح أن انتخابات 21 أكتوبر الجاري قد تكون انفراجة لحزب الخضر مع تصدر قضية تغير المناخ اهتمام كثير من الناخبين، خاصة بعد التفاف نصف مليون شخص حول الناشطة السويدية الشابة جريتا تونبيرج في شوارع مونتريال الشهر الماضي، في أكبر احتجاج في تاريخ مقاطعة كيبك.
وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن حزب الخضر يتمتع بمستويات مرتفعة من التأييد. وتتمتع ماي نفسها بدرجات تأييد أكثر من أي زعيم، بما في ذلك رئيس الوزراء جوستين ترودو نفسه. وتسعى ماي للحصول على 12 مقعداً، وهو الحد الأدنى من المقاعد الذي يتعين على الحزب الفوز به كي يُعترف به في ممارسة إجراءات برلمانية، مثل قدرته على المشاركة في لجان. وقد يكون هذا بعيد المنال، مع توقع هيئة الإذاعة الكندية فوز الخضر في أربع دوائر، صعوداً من دائرتين حالياً. لكن في ظل النظام الكندي قد يكون الحصول على مقعد واحد محورياً.
وأعلنت ماي في مقابلة الأسبوع الماضي، مع نحو 70 شخصاً في النادي الكندي في فانكوفر، ضمن جولتها الانتخابية، أن زملاءها الإقليميين في مقاطعة بريتش كولومبيا حافظوا على توازن السلطة أو توازن المسؤولية، بحسب وصفها، منذ عام 2017، مساعدين في تقديم أكثر الخطط المناخية طموحاً في البلاد والمتمثلة في تقليص الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2030. ومضت تقول: «في برلمان أقلية، ما عدد توازن المسؤولية؟ قد يكون هذا مقعداً واحداً فقط». ومن مقعدها في أقصى اليسار في مجلس العموم، تعتبر ماي البالغة من العمر 65 عاماً، قوة محركة ممثلة في شخص واحد. وكانت أكثر الأشخاص الذين قاموا بمداخلات، وحققت أعلى نسبة حضور من أي زعيم، كي تضمن ألا يفلت مقترح من فحصها. وتقول إنها أقرت تعديلات أكثر من أي حزب معارض آخر في فترتها.
ولدت ماي في هارتفورد بولاية كونتيكت الأميركية، ثم هاجرت إلى كندا، حين كانت في سن المراهقة بعد أن اشترت أسرتها مطعماً في مقاطعة نوفا سكوشا الكندية. وكانت ماي تساعد الأسرة في نشاطها الاقتصادي، بينما حصلت على درجة علمية في القانون من جامعة دالهاوزي في المقاطعة، وهي تنسب الفضل لهذه السنوات التي كانت تعد فيها الطعام وتقدم الخدمة للزبائن، في أنها تعلمت الجلَد والتعاطف والقيادة. وقد أصبحت واحدة من أكثر المشرعين قدرة على الصمود في مجلس النواب. فقد بقيت ماي في عام 2012 في مقعدها لمدة 23 ساعة متواصلة في كفاحها من أجل إصلاح مشروع قانون لميزانية محافظة محل خلاف. وهي تحظى باحترام باعتبارها أحد أكثر البرلمانيين تحضراً في كندا. ففي عام 2017، ذكر المشرع الليبرالي آرنولد تشان، في كلمة مثيرة للمشاعر، قبل موته مصاباً بالسرطان، أنه يعتبر زعيمة حزب الخضر «عملاقاً» في المجلس التشريعي، ودعا للصعود إلى مستواها.
وترى ماي أن «انتخاب الخضر هو الطريقة الوحيدة لضمان أن يغير البرلمان التالي مسار كندا». وبرنامج الحزب، وهو «المهمة ممكنة»، يدعو كندا لأن تضاعف هدفها من تقليص الانبعاثات إلى 60% بحلول عام 2030. ويقترح تعزيز الطاقة المتجددة لتغذي شبكة الطاقة القومية مما يؤدي إلى التخلص من السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري في غضون عقدين، وزرع الكثير من الأشجار. وتتعهد ماي بأن الأمر سيكون مجرد انتقال للعمال من النفط والغاز والفحم إلى التطهير البيئي والتكنولوجيا النظيفة وتعديل المباني.
واعتقلت ماي العام الماضي، بالقرب من فانكوفر، أثناء احتجاجها على مشروع مثير للجدل لتمديد خط «ترانس ماونتين» الذي ينقل القار من مقاطعة البرتا إلى ساحل المحيط الهادئ لتصديره إلى آسيا. ولا تستبعد ماي العمل مع أي فصيل سياسي. بل تريد تشكيل مجلس وزراء يضم كل الأحزاب للتصدي لتغير المناخ - على غرار مجلس الوزراء الذي قاده وينستون تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية في بريطانيا- لوضع استراتيجية بيئية قادرة على الصمود أمام التغيرات المناخية.
نتالي أوبيكو بيرسون
رئيسة مكتب «بلومبيرج» في فانكوفر
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»