بعض دول عالم اليوم هي راعية للإرهاب بطريقة أو بأخرى، لكن إيران هي الراعي الأول له. التعريف الحقيقي للإرهاب، هو القيام المتعمد العنيف باستهداف المدنيين لأسباب سياسية، وهذا حقيقة ما قامت به إيران مباشرة عن طريق اعتدائها المتعمد والمبيت على منشآت شركة أرامكو، أو عن طريق تسليط عملائها «الحوثيين» بضرب أهداف مدنية سعودية في أبها وغيرها من مناطق الجنوب السعودي المتاخم لليمن.
من جانب آخر إيران تريد تغيير الواقع الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه هذه الأيام نتيجة للعقوبات الدولية الصارمة المفروضة عليها من كل المجتمع الدولي، لكنها تفتقد إلى القوة اللازمة للقيام بذلك عن طريق القوتين السياسة والعسكرية بشكل مباشر في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية القوة السياسية والعسكرية العظمى الوحيدة في النظام الدولي القائم في عالم اليوم.
وبشكل عام إيران هي دولة مارقة، ولا تتصرف كدولة طبيعية ضمن منظومة المجتمع الدولي، وهي تواجه بالعداء أطرافا دولية قادرة وقوية وتستطيع هذه الدول مواجهة إيران إذا لزم الأمر.
لكن السؤال: إلى ماذا يشير ما تقوم به إيران من ممارسات تتعلق بـ«إرهاب الدولة»؟ الإجابة يمكن أن نلخصها في رغبة إيران في الانتقام والتوسع وفرض الهيمنة.
وتاريخياً إيران الخمينية بدأت مسيرتها كدولة ضعيفة ذات اقتصاد منهار، وقوة عسكرية مهشمة بسبب الثورة، ثم بعد ذلك الحرب ضد العراق، لكنها استقوت كثيراً في المراحل اللاحقة على حساب تجويع الشعب الإيراني وهدر مقدراته، وبسبب طمع وجشع بعض دول العالم في الحصول على المال الإيراني عن طريق إبرام صفقات دون حساب العواقب.
لذلك فإن إيران كدولة راعية للإرهاب وممارسة لـ«إرهاب الدولة» تبدو وكأنها استطاعت أن تقلب الأمر رأساً على عقب: فهي تقول عن نفسها بأنها صاحبة أيديولوجيا كونية استطاعت أن تقنع بها بعض الشباب الساخطين في مجتمعاتهم وتحولهم إلى إرهابيين يخدمون مصالحها.
ما حدث من اعتداء على المملكة العربية السعودية هو النمط الذي قد يسود في ممارسات إيران الإرهابية كدولة ضد دول مجلس التعاون الخليجي، لكن ذلك ليس بالأمر المفرح لو استمر، لذلك فإن السؤال الذي يبرز إلى الواجهة، هو ما الذي يجب فعله حيال الممارسات الإيرانية العدائية؟ الأمر الذي يقلق الجميع في هذا السياق، ويثير الانتباه أكثر من غيره هو الجزء المتعلق بـ«وصفة» السياسات الواجب اتباعها تجاه إيران والتي يمكن أن تكون ثمرة لما يقوم به الأكاديميون المتخصصون الخليجيون من جهود بحثية، فالاعتداء على أرامكو لم يغير العالم، لكنه أدى ببساطة وربما بقسوة إلى جعل دول المنطقة تعي وتستوعب بشكل عميق ما يحدث في محيطها الإقليمي وفي العالم، ومدى الخطر الجسيم الذي تمثله إيران عليها.
وما قامت به إيران من ممارسات «إرهاب الدولة» هو تكتيك، وما يمكن هزيمته أو على أقل تقدير احتواءه، هو إيران كدولة طبيعية يفهم قادتها حجمها المعقول في هذا العالم، أما غير ذلك، فهو مضيعة للوقت وخطر على العالم أجمع.
ما يمكن للولايات المتحدة الأميركية ودول العالم التي قد تتضرر مصالحها بسبب ممارسات إيران الإرهابية هي الأمور التالية: أن يكون لديها هدف قابل للدفاع عنه ويمكن تحقيقه كوقف البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي بحث أمر رفع العقوبات عن إيران، وأن تعيش الدول المعنية وفقاً لمبادئها الأخلاقية، وأن تعرف عدوها بأدق تفاصيله، وأن تفصل إيران كدولة إرهابية وراعية للإرهاب عن المنظومة الدولية، وأن تشرك كافة دول العالم في مواجهة الإرهاب الإيراني بما في ذلك جميع القوى الدولية الكبرى، وأخيراً أن يكون لديها الصبر والأناة.
*كاتب إماراتي