شهدنا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، الرئيس جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير وآخرين قاموا بجهود بطولية لمعالجة مرض نقص المناعة المكتسب (أيدز) والملاريا وإنقاذ الأطفال حول العالم. ودعم الزعماء الأوروبيون والأميركيون الصندوق العالمي لمكافحة الأيدز والسل والملاريا، مما أنقذ حياة 32 مليون نسمة. وهناك نحو 17 مليون حياة تم إنقاذها من خلال برنامج «PEPFAR» لمكافحة الأيدز الذي أسسه بوش الابن.
ثم ظهر ائتلاف التحصينات «جافي» الذي أنشئ عام 2000 بدعم من القطاعين الخاص والعام وأنقذ 13 مليون حياة. إننا نعيش في عصر المعجزات الذي يستطيع فيه مجموعة من خبراء الصحة العامة، مدعومين بقيادات دولية وعمال صحة مميزين، أن ينقذوا الملايين. فعدد الأطفال الذين يموتون الآن على امتداد العالم يمثلون نصف ما كان يموت منهم عام 2000. وهناك خمسة ملايين طفل يتم إنقاذ حياتهم كل عام. صحيح أن نوع القيادة العالمية التي شهدناها في العقد الأول من القرن العشرين لم تعد موجودة. لكن هناك تحية واجبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي مازال يدعم المساعدات متعددة الأطراف، لكنه يمثل استثناء. والرئيس الأميركي دونالد ترامب حاول تقليص المساعدة بشكل كبير، رغم أن «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» على السواء عارضوا هذا، واستغل ترامب كلمته الشهر الماضي أمام الأمم المتحدة ليلقي موعظة بشأن القومية.
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تعهد الزعماء بالتبرع بما لا يقل عن 0.7% من الدخل القومي لمساعدة الدول الفقيرة. والدول الوحيدة التي تقوم بهذا الآن هي السويد ولوكمسبورج والنرويج والدانمرك وبريطانيا. وتتبرع الولايات المتحدة بنسبة 0.17% من دخلها القوني، بينما المتوسط في العالم الغني يبلغ 0.31%. لقد أثبتنا قدرة على حماية الأرواح وتحسين التعليم والصحة وخلق فرص عمل للنساء والفتيات، لكننا فقدنا الاهتمام فيما يبدو.
وهناك دول حول العالم تبنت تحقيق 17 هدفاً عالمياً، مثل المساواة والتعليم والقضاء على الجوع والمساواة بين الجنسين وغيرها بحلول عام 2030. ولدينا فرصة تاريخية لإنهاء الفقر الشديد، لكن هذا سيتطلب المزيد من الالتزام في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وفي دول مثل جنوب السودان وجمهورية الكونجو الديمقراطية. لكن هناك بصيص أمل يتمثل في تعهد زعماء في الأمم المتحدة الشهر الماضي بتوفير تغطية صحية شاملة بحلول عام 2030. وفي أميركا مازلنا نتنازع بشأن إمكانية الحصول على الرعاية الطبية، لكن دولاً مثل شيلي وكوستاريكا وإثيوبيا وغانا وتايلاند وقيرغيزستان أظهرت أن المضي قدماً في التغطية الصحية الشاملة ممكن، حتى في ظل محدودية الموارد.
وإذا استطاعت هذه الدول القيام بهذا، فلماذا تعرقله أقوى الدول في تاريخ العالم؟ ويدافع عن التغطية الشاملة الدكتور الإثيوبي تيدروس ادهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. وهو يعلم مثل الجميع أهمية توافر الخدمات الطبية والحصول عليها لأن شقيقه الأصغر لقي حتفه في عمر أربع سنوات بسبب الحصبة فيما يبدو. وأخبرني «تيدروس» أن هذه الذكرى تطارده دوماً. والتغطية الشاملة لا تحمي أرواح الأطفال من الحصبة وحسب، بل تمثل أيضاً حصناً عالمياً ضد الأوبئة. وما يؤرق «تيدروس» الآن هو «كابوس انتشار وباء انفلونزا واسع النطاق». وإحدى وسائل الوقاية من مثل هذه الأوبئة وضد إيبولا والفيروسات الأخرى هو بناء أنظمة للرعاية الصحية في أكثر الدول هشاشة.
والإيبولا تنتشر في شرق الكونجو منذ أكثر من عام. وإذا وصلت فجأة إلى أوروبا أو آسيا، فإننا سندرك بعد فوات الأوان أن سلامتنا في أميركا تعتمد على تحسين الأنظمة الصحية في الكونجو. وبعض المعايير تشير إلى أن نصف سكان العالم لا يمكنهم الحصول على الرعاية الطبية البسيطة وخاصة الجراحات. ولن أنسى أبدا موت أم لثلاثة أطفال في مستشفى في الكاميرون بسبب عدم تمكنها من الحصول على ولادة قيصرية. كما أن هناك أكثر من 800 امرأة تموت يومياً بسبب سرطان عنق الرحم. وسرطان عنق الرحم يمكن الوقاية منه بشكل كبير، باستخدام لقاح إتش. بي. في. الرخيص الذي يبلغ سعر الجرعة منه 4.50 دولار، لكن لا يحصل على التحصين إلا 15% من الفتيات.
وأخشى أن يستهلكنا الجدل بشأن ترامب وقضية مساءلته، لكن من المهم أيضاً حياة خمسة ملايين طفل قد يموتون هذا العام ومعظمهم لأسباب يمكن الوقاية منها.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
 
Canonical URL
https://www.nytimes.com/2019/10/04/opinion/sunday/universal-health-coverage-america.html