لقد عاد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للظهور مجدداً ببرنامج «60 دقيقة» على قناة CBS نيوز الأميركية، مع المذيعة «نورا أودونيل» بتاريخ 29 سبتمبر الماضي، لكن هذه المرة بظروف ومحاور مختلفة بعد أن تمت الكثير من الإصلاحات خاصة فيما يتعلق بتمكين المرأة من السفر والعمل، فضلاً عن انفتاح المملكة على العالم وإتاحة التأشيرات السياحية لأول مرة في المملكة. إن أكثر من يقدر هذه الإنجازات هو الشعب السعودي في حين أن المتربصين يحاولون قدر المستطاع استغلال أي ثغرة لمحاربتها بشتى الوسائل، إما إعلامياً، أو من خلال منظمات مشبوهة، أو لوبيات.. إلخ. لكن جاءت هذه المقابلة لتضع النقاط على الحروف.
فلم يكن من المستغرب أن المذيعة بدأت الحديث عن جريمة جمال خاشقجي التي استغلها كل خصم للسعودية سواء في الشرق أو الغرب، خاصة تركيا وإيران، وقد أكد على ذلك صلاح جمال خاشقجي في تغريدة له، يقول فيها: «عامٌ مضى على رحيل والدي الغالي، سعى خلاله خصوم الوطن وأعداؤه في الشرق والغرب، لاستغلال قضيته للنيل من وطني وقيادتي». فبعد إقرار ولي العهد السعودي بأنه «تعهد بمحاسبة كل مسؤول عنها وأن العدالة ستأخذ مجراها»، لابد من عدم السماح لأي طرف أجنبي بالخوض بمقتل خاشقجي ومحاسبته قانونياً. فالقضية سعودية، والذي قتل مواطن سعودي وعلى أرض سعودية، وعائلته كما ورد في تغريدة نجل خاشقجي تثق بالقضاء السعودي، «أكرر ماقلته سابقاً، لديّ مطلق الثقة في قضاء المملكة»، إذاً فالشأن سعودي وأي تدخل أجنبي معناه انتهاك للشؤون الداخلية واستغلال القضية لمكاسب سياسية.
أما بالنسبة لموضوع اليمن فقد نوه ولي العهد إلى أن الميليشيات «الحوثية» التابعة لإيران هي التي تعطل الحل السياسي في اليمن. السعودية كانت واضحة منذ البداية أنها لن تسمح بوجود ميليشيا مسلحة على غرار «حزب الله» عند حدودها مهددة لأمنها القومي، وهذا من حق أي دولة، وقد أبدى ولي العهد استعداده لوقف الحرب والتجاوب مع الحل السياسي شريطة أن إيران توقف دعمها لميليشيا «الحوثي». أما في حديثه عن الهجوم الإيراني على أرامكو، فكان أفضل وصف له أنه عمل أحمق. وما حذر منه أن بارتكاب إيران للحماقات من خلال شن هجومها العشوائي وإصرارها على تسليح الميليشيات واستمرار تهاون المجتمع الدولي بالرد، لن يضر فقط السعودية بل سيضرب قلب إمدادات الطاقة في العالم. فما تقوم به إيران كلها مؤشرات بإعلان حرب.
وفي الحوار عن بعض السعوديات اللواتي انتهكن القانون، بذريعة دفاعهن عن حقوق المرأة، وذلك رغم كل هذه الإنجازات التي تحققت في صالحها، فإنه لو كان الأمر مجرد مطالبة بحقوق فلِمَ تتم محاسبة بعض ما يسمونهن في الإعلام الغربي «ناشطات» بعدما تحققت كل مطالبهن؟ والحقيقة أن هناك مئات السعوديات اللاتي طالبن بحقوقهن ولم تتعرض لهن الدولة، فلِمَ يسجن هؤلاء تحديداً؟ منطقياً السجن لم يكن إلا بسبب انتهاكهن للقانون والعمل على زعزعة استقرار المملكة، لكن قوانين المملكة تنص على أن لا شرح للاتهامات علنياً إلا بعد انتهاء التحقيق والمحاكمة.
أهم ما ردده ولي العهد في المقابلة هي كلمة «قانون» والتأكيد على احترام القوانين حتى التي لا نتوافق معها. وفي ظل ما تتعرض له دول المنطقة من أزمات ومؤامرات من خلال حروب الجيل الرابع، لابد من نص قوانين واضحة على الصعد كافة تحمي الدولة والفرد وإبرام اتفاقات دولية خاصة فيما يتعلق بالتدخل في الشؤون الداخلية وحروب الوكالة.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي