أعلن مسؤولون يوم الأحد الماضي أن مشاركة الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأفغانية الحالية بلغت أقل من نصف مشاركتهم في المرة الماضية التي اختاروا فيها رئيساً، وهذه المشاركة الضعيفة تهدد بإضعاف الحكومة القادمة، بصرف النظر عن شخصية الفائز. وبعد إحصاء نصف الأصوات فحسب، قدّرت لجنة الانتخابات الأفغانية المستقلة أنه من بين تسعة ملايين شخص يحق لهم التصويت، لم يشارك في انتخابات يوم السبت إلا 2.2 مليون شخص فقط.
وأعلنت «صغرى سعدات»، مدير برنامج في «مؤسسة الانتخابات الأفغانية الشفافة» المستقلة، أن «المشاركة أدنى من أي انتخابات أخرى في السنوات الثماني عشرة الماضية. وكانت المشاركة منخفضة حتى في المناطق الآمنة التي صوّت فيها عدد أكبر من الناس في الماضي». وذكر مراقبون للانتخابات أن مزيجاً من المخاوف الأمنية والخوف من التزوير والمخالفات في التصويت.. جعل الناس يعزفون عن المشاركة. والمرشحان الأوفر حظاً هما الرئيس أشرف غني الذي يسعى لفترة ولاية ثانية، وعبد الله عبد الله الرئيس التنفيذي للحكومة. ويرى مايكل كوجيلمان، الباحث في مركز ويلسون، أن «انخفاض المشاركة يبرز أكبر التحديات التي طاردت أفغانستان لسنوات، مثل التهديد المتواصل بالعنف وشيوع عدم الثقة بالزعماء السياسيين».
وذكرت «سعدات» أن المشاركة مازالت أقل وسط النساء، وألقت باللائمة في ذلك جزئياً على إجراء جديد يستلزم التقاط صور لكل الناخبين في مراكز الاقتراع. والنساء في بعض المناطق الريفية المحافظة وأقاربهم من الذكور يرفضون هذا الإجراء الذي قالت السلطات أنه أُضيف ليمنع تزوير الهوية. والعادات الدينية والقبلية في مثل هذه المناطق، وخاصة وسط عرقية البشتون، تحظر سفور النساء أمام الرجال من غير ذويهن. وأشارت سعدات إلى أن النتائج الأولية توضح أن الناخبات «لم يمثلن أكثر من 20%. بينما كن يمثلن 38% خلال انتخابات 2014» الرئاسية السابقة.
ويرى سكوت وردن، مدير برامج أفغانستان ووسط آسيا في المعهد الأميركي للسلام، أن «يوم الانتخابات لم يكن عنيفاً كما كان يخشى الناس، وقد وقع خلاله عدد أقل من الضحايا، لكن حركة (طالبان) نجحت في كبح التصويت من خلال التهديد وتقييد عملية الوصول إلى مراكز الاقتراع». وذكرت وزارة الدفاع أن خمسة أشخاص قتلوا يوم السبت وأصيب 76 في هجمات عبر البلاد. وأشار «وردن» إلى أن انخفاض المشاركة له جانب إيجابي؛ مثل تقليص فرص التزوير التي أضرت بالانتخابات السابقة. أما الجانب السلبي فهو أن عدداً صغيراً فحسب من الأفغان هو مَن سيحدد هوية الرئيس التالي. وأضاف: «هناك عدد إجمالي أصغر، لكن يرجح أن تكون النتيجة أكثر مشروعية».
والأولوية الأولى للفائز ستكون تحقيق اتفاق سلام مع «طالبان»، لكن انخفاض المشاركة قد يقوّض مكانة الرئيس التالي ويضعفه على طاولة المفاوضات. وواجه الرئيس «غني» ضغوطاً كي يرجئ الانتخابات في الوقت الذي كانت «طالبان» والولايات المتحدة تسعيان إلى إبرام صفقة. وأصر «غني» على أن الانتخابات ضرورية لإعطاء الحكومة تفويضاً من أجل التفاوض مباشرةً مع «طالبان». ولطالما وصفت «طالبان» المسؤولين في كابول باعتبارهم «دمى في يد الأميركيين». وانهارت المحادثات بين الحركة والولايات المتحدة الشهر الماضي، ولم تفصح «طالبان» عن مدى استعدادها للتفاوض مع الحكومة المقبلة.
وترى كيت كلارك، الباحثة في «شبكة المحللين الأفغان»، أنه «إذا غابت شكاوى موثوق بها حول التزوير وظهر فائز واضح سواء في أول أو ثاني جولة، فسيكون من الجيد أن يفهم أن تفويضه جزئي». وأكدت أن عدداً كبيراً من الأفغان لم يصوتوا، سواء لأنهم يعيشون في مناطق تسيطر عليها «طالبان» أو لأن المرشحين لا يروقونهم. وترى حواء علام نورستاني، رئيسة مفوضية الانتخابات الأفغانية المستقلة، أن انتخابات يوم السبت الماضي كانت «أكثر الانتخابات سلامة ونزاهة مقارنة بالانتخابات السابقة». وعقدت أفغانستان أربعة انتخابات رئاسية وانتخابين تشريعيين منذ عام 2001.
ومع اكتمال عملية التصويت، يخشى كثيرون فترة طويلة من النزاع السياسي. فبعد الانتخابات الرئاسية لعام 2014، والتي كان فيها غني وعبد الله المرشحان الأوفر حظاً كذلك، انزلقت البلاد في أزمة سياسية على مدار شهر وسط مزاعم بالتزوير. ويتعين على المرشح الرئاسي أن يحصل على أكثر من 50% من التصويت كي يفوز وإذا لم يحقق المرشح الحد الأدنى المطلوب، يتعين عقد جولة ثانية في غضون أسبوعين من نشر النتائج الرسمية.
سوزانا جورج وباميلا كونستابل
صحفيتان أميركيتان
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»