لم يأتِ إطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2017 «استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة» من فراغ، وإنما جاء بفعل الاهتمام بتعزيز مكانتها كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، والإسهام في تحقيق اقتصاد وطني تنافسي يستند إلى المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية التي تدمج التقنيات المادية والرقمية والحيوية، يتحقق من خلال الاستثمار بثروتها البشرية وكوادرها المواطنة لتمكينهم من شتى صنوف المعارف والمهارات والخبرات اللازمة للاستعداد للمستقبل الذي تتجه معالمه نحو الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة.
تخريج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يوم أمس الأول، (65) من نخبة الكفاءات والخبرات الوطنية في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية وشركات القطاع الخاص ممن انتسبوا إلى الدفعة الأولى من برنامج «الثورة الصناعية الرابعة»، جاء ليؤكد مقدار اهتمام القيادة الرشيدة في دولة الإمارات ببناء القدرات والكفاءات الوطنية، من أجل تنفيذ محاور وأهداف «استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة»، ودعم الجهود الرامية إلى توظيف التكنولوجيا المتقدمة لتحويل التحديات المستقبلية إلى فرص وإنجازات، حيث قال سموه خلال الحفل إن «تمكين الكوادر الوطنية وتزويدها بالمهارات والخبرات اللازمة لامتلاك أدوات الثورة الصناعية الرابعة، يمثل محوراً لتوجهات دولة الإمارات وأولوية حكومية وممكناً أساسياً لصناعة المستقبل».
الكفاءات الوطنية الـ(65) التي أتمت برنامجاً تدريبياً مكثفاً ركّز على مجالات الثورة الصناعية الرابعة والآليات الكفيلة بتنفيذ محاور وأهداف استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، هي الثمرة التي نتجت عن مساعي دولة الإمارات لتحقيق المواجهة الاستباقية لتحديات المستقبل، من خلال تطويع التقنيات والأدوات التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة لخدمة المجتمع وتحقيق السعادة والرفاه لأفراده، وتخريجهم هو بداية طريق نحو تنفيذ ما ورد في الاستراتيجية من أهداف تركّز على إنسان المستقبل، بتحسين مخرجات قطاع الصحة والتعليم بالاستناد إلى التكنولوجيا والعلوم المتقدمة، ومنها: الهندسة الحيوية، وتكنولوجيا النانو، والذكاء الاصطناعي.. والوصول إلى مبتغاها في تحقيق أمن المستقبل، المائي والغذائي والاقتصادي، عبر تبني الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا التعاملات الرقمية وغيرهما.
إن قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، خلال حفل تخريج المنتسبين لبرنامج «الثورة الصناعية الرابعة»، إن «دولة الإمارات تبنت منذ تأسيسها، نهجاً قائماً على الاستفادة من مخرجات التكنولوجيا الحديثة في تحقيق التنمية، وتعزيز قدرات العنصر البشري المواطن للمشاركة بفاعلية في هذه الجهود»، يأتي موائماً اليوم لما حققته الدولة من منجزات متقدمة، حيث يحلّق ابن الإمارات اليوم، هزاع المنصوري، في الفضاء حاملاً راية الدولة كأول رائد فضاء إماراتي وعربي، وصل إلى المحطة الفضائية الدولية، وسط اهتمام محلي وعربي وعالمي، الأمر الذي يؤكد أن دولة الإمارات تتقدم وتتميز بأبنائها الذين وجدوا كل الدعم من قيادتهم الحكيمة التي ستأخذ بهم نحو آفاق جديدة من الريادة والتنافسية.
لقد عملت دولة الإمارات بجهود نوعية من أجل استشراف المستقبل، بما يضمن مواجهة التغيرات التي تطرأ في المجالات كافة، عبر وضع خطط استباقية على كل المستويات لتحقيق إنجازات نوعية تخدم الوطن والمواطن، وتسهم في ترسيخ مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية، وليس أدلّ على ذلك من اعتماد «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل»، في عام 2016، الساعية إلى تبني كل الفرص العالمية الجديدة وإلى استباق التحديات القادمة، عبر بناء نماذج مستقبلية للقطاعات الحيوية، وتبني حلول وأدوات تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، بالتركيز على تعزيز الأمن المجتمعي عبر استخدام تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، والبحث عن المواهب الإلكترونية، وتصميم الروبوتات لخدمة الإنسان، واستشراف المستقبل والتخطيط لمتغيراته، والعمل على الاستغلال الأمثل لهذه التطورات لخدمة مصالح وتوجهات واستراتيجيات الدولة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية