لا أعرف من أقنع «الديمقراطيين» التقدميين بفكرة أن الطريق لهزم دونالد ترامب يمر عبر إلغاء التأمين الصحي الخاص لـ160 مليون أميركي واقتراح «ميديكير للجميع» بدلا من ذلك (وأن المكسيك ستدفع كلفته)، ولكنه موضوع سياسي خاسر وهدف سهل ليستغله ترامب. وبدلا من ذلك، هناك تيمة أفضل للحملة الانتخابية واضحة أمام الجميع. سأسميها «سباق الأرض».
في الستينيات، حمّس «جون إف. كينيدي» البلاد وعبأها خلف «سباق الفضاء»: جعل أميركا أول دولة ترسل رجلا إلى القمر. واليوم، يحتاج «الديمقراطيون» إلى أن يتنافسوا ضد ترامب حول «سباق الأرض»: أي جعل أميركا الرائدة في كل السياسات والتكنولوجيات التي تساعد الرجال والنساء في كل مكان على العيش بشكل قابل للاستدامة هنا على كوكب الأرض.
أجل، أعرف أن التخفيف من تغير المناخ وإنقاذ البيئة لا يجلبان أصواتاً في الانتخابات. ولكن الزمن مختلف، والأمر يتوقف على الكيفية التي تصوغ بها الموضوع. فـ«أُمُّنا الأرض» أخذت تفرض نفسها على صندوق الاقتراع، وجهود ترامب الرامية لإلغاء أكثر من 80 من القواعد والمعايير التي تحمي نظافة الهواء والماء والمناخ والمتنزهات والبرية تجعله هشاً على نحو فريد، إذ أنه لا يستطيع الابتعاد عما يقوم به الآن، فقد بات مسؤولا عنه، وهو سيء جدا. ثم إن هذه المرة مختلفة.
ففي هذا العصر الذي بات فيه الكثير من عمل النشطاء يتم على الإنترنت، متى كانت آخر مرة رأيت فيها حركة جماعية للشباب في أميركا وعبر العالم – نحو 4 ملايين في المجموع – تخرج إلى الشوارع في كل القارات مثلما فعلت الأسبوع الماضي من أجل المطالبة بتحرك لوقف ارتفاع حرارة كوكبنا؟ هؤلاء الشباب يقولون لنا، ولآبائهم الناخبين، إن هذا الموضوع رابح سياسيا -- فحركتهم حركة تبحث عن زعماء سياسيين يتحلون بالشجاعة.
إنني لا أقول إن «سباق الأرض» هو الموضوع الوحيد الذي ينبغي رفعه في الحملة الانتخابية. فأنا أؤيد تأييداً كاملاً «أوباماكير»، بل وحتى إضافة خيار تأمين صحي عام. ولكن لو كنتُ مرشحا للرئاسة ضد ترامب، لرفعتُ شعار «سباق الأرض» باعتباره فرصة اقتصادية، وضرورة أمن وطني، وحالة طوارئ وطنية، وحالة بيئية مستعجلة، وواجب أخلاقي. ولا أعتقد أن ثمة موضوعاً آخر يستطيع أن يجمع كل هذه الخمسة.
ولقصفتُ ترامب كل يوم بهذه الرسالة: «ترامب يقول إنه يكترث لكم. حسنا، هذا مضحك لأنه من الواضح أنه لا يكترث للماء الذي تشربون. فقد ألغى للتو قاعدة تحظر إلقاء حطام مناجم الفحم في المجاري المائية المحلية – من بين أعمال أخرى لإضعاف «قانون الماء النظيف» – وذلك حتى تستطيع شركات الفحم الموالية لترامب جني مزيد من المال بينما تتسبب في إصابتك بالأمراض.
ترامب يقول إنهم يكترث لكم. حسنا، هذا مضحك، لأنه من الواضح أنه لا يكترث للهواء الذي تتنفسون. فهو يُضعف قواعد الهواء النظيف حتى تستطيع شركات الفحم والكهرباء المحلية إطلاق مزيد من المواد الملوثة والميثان وثاني أوكسيد الكربون في الهواء – حتى تستطيع جني مزيد من المال وتتسبب لأطفالكم في مزيد من ربو اليوم واضطرابات تغير مناخ غدا. فأي نوع من الآباء يفعل ذلك؟
و«ترامب يقول إنه يكترث لجعل أميركا عظيمة من جديد. حسنا، هذا مضحك، لأنه من الواضح أنه لا يكترث لشركات صناعة السيارات الأميركية وسلاسل إمدادها. فهو يحاول الآن إرغام كاليفورنيا وولايات أميركية أخرى على إضعاف معايير استهلاك الوقود لكل كيلومتر ومعايير التلوث وذلك حتى تستطيع شركاتنا – التي لا ترغب في هذا التغيير – صنع مركبات شرهة تستهلك الوقود بإسراف وتكف عن إنتاج سيارات ذات استهلاك معتدل من الوقود على غرار تلك المصنوعة في اليابان، أو تسبب في قدر قليل من التلوث على غرار أسطول السيارات الكهربائية المتنامي في الصين. فمن يستطيع فعل شيء من هذا القبيل؟
«كل الحافلات العامة في شنجن الصينية، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها نحو 12 مليون نسمة، أصبحت كهربائية بنهاية 2017. و«سيارات الأجرة حذت حذوها سريعاً»، كما أفاد موقع «تِك-كرانتش» المتخصص في أخبار التكنولوجيا في يناير الماضي. وفي شنجن اليوم، 99 في المئة من أكثر من 21 ألف سيارة أجرة تشتغل بواسطة بطاريات كهربائية. فكيف تصبح أميركا عظيمة من جديد إذا كنا نتنازل للصين عن صناعة العالم العظيمة المقبلة – توليد الطاقة والنقل النظيفين؟
كيف يمكنك أن تترشح ضد كل هذه الأشياء التي يقوم بها ترامب؟ من خلال رسالة بسيطة تكررها مراراً وتكراراً: (إن ترامب يسمّم الأميركيين ويُضعف أميركا. فانضموا إلى «سباق الأرض». اجعلوا أميركا أكثر صحة وثراء وذكاء وأمنا).
مرشح «سباق الأرض» هذا ينبغي أن يقول للناس كل يوم: إنكم تستطيعون أن تصوّتوا لرجل يريد إعادة السيارات التي تستهلك الكثير من الوقود، والمصابيح التي تستهلك طاقة أكثر وتنتج حرارة أكثر، ومحطات كهرباء تتسبب في مزيد من الربو، وشركات كيماوية تلوّث مزيدا من الأنهر، وشركات فحم تلوّث الهواء أكثر، وشركات مناجم تدمر مزيدا من المناطق الطبيعية العذراء، واقتصاد متخلف عن الصين في الصناعة العالمية العظيمة التالية. (أو تستطيعون الانضمام إلى «سباق الأرض» وجعل رئاسة دونالد ترامب نوعاً منقرضاً بينما تنقذون الأنواع المهدَّدة في أمنا الطبيعة). وإذا لم يستطع مرشح إحراز تقدم بهذه الرسالة، فإما أن أميركا ماتت، أو أن ذاك المرشح لا مكان له في عالم السياسة.
*كاتب وصحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/09/24/opinion/democrats-climate-change.html