مرة أخرى، هناك جدل آخر يتعلق بترامب ويعكر صفو واشنطن. ويبدو أن هذا الجدل من القوة بحيث يؤثر على سباق الرئاسة عام 2020.
كل ما نعرفه حقاً في هذه المرحلة هو أن شكوى من واشٍ من مجتمع الاستخبارات تتعلق، جزئياً، بمكالمة هاتفية دارت في 25 يوليو بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، تضمنت شكوى الواشي «اتصالات مع قائد أجنبي ووعد قطعه ترامب». واعترف الرئيس نفسه بأنه ناقش مع «زيلينسكي» مسألة فتح تحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه «هانتر». ومجرد وجود الشكوى قد شجع «الديمقراطيين» وجعل قضيتهم المتعلقة بالعزل تبدو أقوى، بينما ينتظر «الجمهوريون» حادثاً آخر غير متوقع. وفي هذه الأثناء، حتى لو بقي ترامب، فإن هذا التطور الأخير يمكن أن يفسد حياة «بايدن» السياسية. وما قد يكون سيئاً بالنسبة لترامب قد يكون أسوأ بالنسبة لـ«بايدن»، الذي يعد واحداً من أبرز المتنافسين للحصول على ترشيح الحزب «الديمقراطي» للرئاسة.
ومن دون معرفة المدى الكامل لما حدث أو لم يحدث، فإن دفاع «الجمهوريين» عن الرئيس سينطوي بالتأكيد على حصة عادلة من التشكيك في موقف الخصوم. وإذا كانت مشاركة هانتر بايدن في أعمال مشبوهة في أوكرانيا قد تم توثيقها، فهناك أسئلة تدور حول ما إذا كان جو بايدن قد استخدم منصبه لمساعدة ابنه.
توجيه أصابع الاتهام من قبل «الجمهوريين» والمطالبة بإجابات من بايدن، لا يمكن أن يأتي في وقت أسوأ من هذا بالنسبة لحملته. وفي هذا الصدد، تكتسب السيناتورة «إليزابيث وارين» (ديمقراطية –ماساتشوسيتس) مزيداً من الاهتمام من الناخبين الذين ينظرون إليها بشكل جديد. وقد أظهر أحدث استطلاع للرأي من ولاية آيوا أنها تتقدم على بايدن. وقد يعتقد الناخبون أن «بايدن» ليس كبيراً في السن للغاية لكي يشغل منصب الرئيس، ولكنه ربما يحمل الكثير من المشاكل لأن يكون مرشح الحزب، أيضاً. وأغرب الطرق، على الأكثر ترجيحاً، أن تنهي حادثة الواشي الحياة السياسية لبايدن قبل أن تنهي حياة ترامب السياسية.
المسألة برمتها التي تنطوي على تعاملات ابن بايدن التجارية في الخارج، لا تثير فقط أسئلة غير مستحبة لبايدن، لكنها أيضاً تقدم الكثير من التذكيرات بشأن حياته. وعلى الجانب الآخر، فإن موقف ترامب متين بشكل استثنائي مع قاعدته، ناهيك عن حقيقة أن رئاسته بأكملها قد تم تعريفها عملياً بقدرته على تجاوز «المكائد» التي يحيكها له «الديمقراطيون».
«الديمقراطيون» يتوقون لعزل الرئيس، وربما تكون هذه هي أفضل فرصة لهم، ولكن على الرغم من ذلك، فإنه لا يبدو، حتى الآن، أن ترامب قد ارتكب فعلاً إجرامياً. ربما يكون هناك شيء جوهري في شكوى الواشي، أو ربما نحن بصدد أن نشهد أحدث مثال على الحزبية المشحونة والمبالغ فيها التي يدفعها «الديمقراطيون» وحلفاؤهم. وقد يكون ترامب قد تخطى الحد فعلاً هذه المرة من خلال الحكم السيئ –لمصلحته الشخصية وبطريقة أضعفت حليفاً مهماً للولايات المتحدة دون سبب وجيه. أيا كان الأمر، تبدو كارثة ترامب الأخيرة وكأنها هدية من الرئيس لكل «ديمقراطي» لا يريد ترشيح جو بايدن.
وفي سياق متصل، اعترف الرئيس الأميركي، هذا الأسبوع، بأنه تحدث عن جو بايدن خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني، مشيراً إلى أنه تمنى نشر مضمون المكالمة، فيما تصاعدت الدعوات داخل الكونجرس لبدء إجراءات عزل ترامب، على خلفية تلك المسألة.
وقال ترامب للصحفيين إنه أجرى اتصالاً رائعاً مع «زيلينسكي» وأنه يتمنى أن تكون هناك إمكانية لنشر مضمون المكالمة، مشيراً إلى أنها كانت محادثة تهنئة إلى حدٍ كبير.
*مستشار سياسي للبيت الأبيض في عهد ريجان وبوش الأب
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس