تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً بالتنمية البشرية، وهناك حرص شديد على تطوير الكوادر الوطنية وتأهيلها وفقاً لأفضل المعايير العالمية وأفضل الممارسات الدولية المعروفة، وذلك من منطلق الإيمان العميق بدورها في مواصلة مسيرة النهضة غير المسبوقة التي تشهدها الدولة، وفي تحقيق رؤى القيادة الرشيدة بأن تكون الإمارات في مصافّ الدول المتقدمة بحلول الذكرى الخمسين لتأسيسها، والأفضل عالمياً في مختلف المجالات بحلول الذكرى المئة لقيام الاتحاد. ولا شك أن هذا الهدف الطَموح جداً يتطلب كفاءات استثنائية قادرة على إحداث الفَرق، وتحقيق طموحات الشعب والقيادة.
وفي هذا السياق، تأتي دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للكفاءات القيادية أصحاب المهارات «الاستثنائية» لخدمة الوطن، حيث قال في تغريدة عبر حسابه في «تويتر»: «نبحث عن كفاءات جديدة.. ودماء جديدة.. بمهارات استثنائية.. وشغف لخدمة الوطن». وتنطوي هذه الدعوة على أهمية كبيرة، فهي تؤكد: أولاً، مدى حرص القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على الارتقاء بهذا الوطن ليكون دائماً في القمّة، وفي تحقيق طموحات الشعب والارتقاء بمختلف المجالات في الدولة إلى أعلى المعايير العالمية التي تضمن تنمية مستدامة وسعادة متواصلة. وتحقيق ذلك يتطلب دون شك كوادر مسلحة، ليس فقط بالعزيمة والإرادة، وإنما بالمعرفة والكفاءة العالية في شتى المجالات أيضاً، وخاصة المشاريع الحيوية الاستراتيجية الوطنية التي تنفذها الدولة لضمان استدامة مواردها، ومسيرة تطورها الحضاري. وثانياً، إن إيجاد كوادر مواطنة مؤهلة علمياً، ومتخصصة في المجالات المختلفة بات ضرورة تنموية ملحّة، تتواكب مع حركة «النهضة»، التي تشهدها الدولة في المجالات كافة، والتي يتطلب معها وجود كوادر مواطنة قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم في مجال التكنولوجيا وثورة المعلومات، وتطويعها من أجل التنمية وخدمة المجتمع. وثالثاً، إن توجه الدولة نحو اقتصاد المعرفة التنافسي الذي يعتمد بصفة أساسية على المجالات الحيوية الجديدة، يتطلب كوادر مواطنة متخصصة في هذه المجالات، كي تتواكب مع التطورات المستقبلية لعملية التنمية الشاملة في الدولة. ورابعاً، إن تأهيل الكوادر المواطنة علمياً يخدم في جوهره سياسة التوطين، التي أصبح العمل على إنجاحها يشكل أولوية لدى مختلف الجهات في الدولة، ولا شك أن وجود كوادر مواطِنة تمتلك مهارات استثنائية في مختلف المجالات والتخصصات من شأنه دفع سياسة التوطين قُدماً إلى الأمام، ورفد مؤسسات الدولة المختلفة بالعناصر المواطِنة اللازمة لها.
تؤمن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بأن البشر هم ثروة الوطن الأساسية، وهي تعول عليهم كثيراً، بل وتراهن دائماً على قدراتهم وإمكاناتهم في دفع مسيرة التنمية قُدماً إلى الأمام، ولهذا تعمل جاهدة على توفير كل الظروف التي تتيح أفضل استثمار لهذه الثروة وتحقيق أكبر استفادة منها، كي تعزز دورها في نهضة الوطن ورفعته، وهذا هو جوهر فلسفة مرحلة التمكين التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التي تنطلق من رؤية عميقة تستهدف «تهيئة البيئة المبدعة اللازمة لتمكين الفرد المواطن من عناصر القوة اللازمة ليصبح أكثر إسهاماً ومشاركة في مختلف مجريات الحياة الاجتماعية والسياسية والإنتاجية والمعرفية».
إن بناء الكوادر المواطِنة في مختلف المجالات، هو أحد أهم التوجهات الاستراتيجية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها، انطلاقاً من قناعتها بأن هذا هو أفضل استثمار للمستقبل، فالكوادر البشرية المواطنة والمؤهلة -التي تمتلك مهارات قيادية واستثنائية- تشكل القاعدة الأساسية لترجمة أهداف الدولة التنموية، وهؤلاء أيضاً هم القادرون على وضع الدولة في المرتبة التي تستحقها على خريطة الدول المتقدمة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية