نشرت وزارة الموارد البشرية والتوطين قبل أيام قليلة إحصائيات وحقائق حول واقع سوق العمل في القطاع الخاص وقد تملكتني الدهشة مما قرأت وذلك لعدة أسباب. أولاً: لم أجد في متن التحقيق أي إشارة للمواطنين العاملين في القطاع الخاص وبالتالي فإن الاستنتاج المنطقي هو أن كافة الإحصائيات الواردة هي لغير المواطنين. ثانيا، تقوم الوزارة بتصنيف المهن والعاملين فيها في القطاع الخاص وذلك بالتفصيل وبدقة بالغة وثالثا قدرة الوزارة على متابعة تطورات سوق العمل في القطاع الخاص بالأرقام سنويا إذ تشير الإحصائيات المنشورة إلى أنها تتعلق بالعمالة المسجلة في العام 2018.
وبالتالي فإن التساؤلات المهمة التي أوجهها لوزارة الموارد البشرية والتوطين هي: لماذا لا ترصد الوزارة واقع المواطنين العاملين في القطاع الخاص وتنشر الإحصائيات الدورية عنهم طالما تمتلك إداراتها القدرة على فعل ذات الإجراء مع العاملين غير المواطنين؟ وفي حال توفر تلك المعلومات فعليا لدى الوزارة عن العمالة الوطنية في القطاع الخاص فما السبب وراء عدم نشرها بصورة دورية؟ وهل لدى الوزارة أرقام دقيقة وحديثة حول توزيع المواطنين في القطاع الخاص؟ والدافع لهذه الأسئلة هو المطالبات المستمرة لوزارة الموارد البشرية والتوطين بنشر إحصائيات دورية عن المواطنين العاملين في القطاع الخاص لكي نتأكد من فعالية ونجاح إجراءات التوطين، إضافة إلى إتاحة الفرصة لنقوم بالإسهام في تحليل أوضاع المواطنين في القطاع الخاص وتقديم التوصيات التي قد تساعد الوزارة في سياسة التوطين.
والملاحظ في المعلومات المنشورة أن الوزارة تقوم برصد أعداد العمالة غير المواطنة في القطاع الخاص سنويا مع تصنيفهم حسب عدة معايير. فقد أعلنت الوزارة أن عدد العمالة المسجلة في 2018، تجاوز 5 ملايين، ويشكّل الذكور النسبة العظمى من العمالة، إذ تجاوز عددهم 4 ملايين، في حين لم يتجاوز عدد النساء 500 ألف عاملة. وتجاوز عدد المنشآت 338 ألفاً، بواقع 65 ألفاً في التشييد والبناء، و129 ألفاً في التجارة وخدمات الإصلاح، و30 ألفاً في الصناعات التحويلية، و31 ألفاً في العقارات والتأجير وخدمات الأعمال، و24 ألفاً في النقل والتخزين والاتصالات، و20 ألف فندق ومطعم، و25 ألفاً للخدمات المجتمعية والشخصية الأخرى، وألفين للخدمات التعليمية والدراسات، وألفين للوساطة المالية، و3 آلاف للصحة والعمل الاجتماعي، و6 آلاف للقطاعات أخرى. وذكرت وزارة الموارد البشرية والتوطين أيضا تصنيف العمالة حسب المستويات المهنية يتضمن 173 ألفاً من المشرعين والمديرين ومديري الأعمال، و434 ألفاً من الاختصاصيين العلميين والفنيين والإنسانيين بجانب 305 آلاف من فنيي المواضيع العلمية والفنية والإنسانية. أضف إلى ذلك 377 ألفاً من أصحاب المهن الكتابية و752 ألفاً من مهن الخدمات والبيع و12 ألفاً من العمال المهرة في الزراعة وصيد الأسماك والثروة الزراعية، ومليون و191 ألفاً من العاملين في حرفة البناء والمهن الاستخراجية والحرفيين الآخرين و519 ألفاً من مشغلي الآلات والمعدات ومجمعيها وأخيرا ما يقارب 1.267 مليون من أصحاب المهن البسيطة. وقد أعلنت الوزارة أيضا إحصائيات تتعلق بالمستوى المهاري وتوزيع العمالة حسب القطاعات الاقتصادية والفئة العمرية.
ذلك هو واقع العمالة غير المواطنة في القطاع الخاص حسب ما نشرته وزارة الموارد البشرية والتوطين، ولكني على يقين أن المطلوب من الوزارة بجانب الاهتمام برصد وتوثيق بيانات العاملين غير المواطنين، القيام أيضا، وبنفس درجة الاهتمام، برصد وتوثيق ونشر إحصائيات العمالة الوطنية في ذلك القطاع لكي نساهم في رفع نسبة رضا المواطنين على سياسة التوطين ونتأكد من قيام الوزارة بدورها ليس فقط في توفير الوظائف للمواطنين بل ومساعدتهم على الاستمرار فيها.