أنهى الرئيسان الأميركي والفرنسي، اللذان اتسمت علاقتهما بالتوتر طيلة العامين الماضيين، المؤتمر الصحفي على هامش قمة مجموعة الدول السبع الكبرى بالعناق مرتين. كما أن الرئيس الأميركي، خلافاً لما كان قد وقع في السابق، لم يغادر الاجتماع قبل انتهائه، ولم يعارض البيان الختامي، وهو ما كان يتخوف من حدوثه كثير من الخبراء.
وللذكر فإن مجموعة السبع التي التأمت مؤخراً في مدينة بياريتس، جنوب غرب فرنسا، هي مجموعة غير للدول العظمى تم إنشاؤها في سنة 1975، وكانت الدواعي لإنشائها اقتصادية بالأساس قبل أن تتناول مواضيع كالسلام والبيئة والإرهاب. واشتهرت هذه المجموعة في السنوات الأخيرة مع وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، ونتذكر أنه في اجتماع سنة 2018 في كندا، رفض ترامب توقيع البيان الختامي للقمة، كما غادر قبل انتهاء أعمالها. وفي سنة 2017 حدث شرخ كبير في ملف المناخ خلال أول قمة يحضرها ترامب في صقلية، ليتبع ذلك انسحاب بلده من اتفاق باريس.
وعقد أول اجتماع لمجموعة السبع الكبرى في رامبويه بفرنسا سنة 1975 بعد أول أزمة نفطية عالمية. وشاركت ست دول (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة) في أول اجتماع ل«مجموعة الست»، قبل أن تنضم إليها كندا في العام التالي لتصبح «مجموعة السبع‏». وتبنت قمة وليامسبرغ (بالولايات المتحدة) سنة 1983، ولأول مرة، إعلاناً حول الأمن في أوروبا. وتم تبني نص الدعم لسياسة الرئيس الأميركي رونالد ريغان حيال موسكو.
ومع تفكك الاتحاد السوفييتي تغير النظام العالمي، ومعه طبيعة مجموعة السبع، لتحل روسيا ضيفاً على المجموعة سنة 1992 ولتشارك اعتباراً من سنة 1998 في قمم المجموعة التي منذ ذلك الوقت «مجموعة الثماني الكبرى».
غير أنه في سنة 2014 تم تعليق عضوية روسيا في المجموعة، وذلك ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية وفرض عقوبات غربية على موسكو. وألغيت قمة مجموعة الثماني التي كانت مقررة في تلك السنة بروسيا، فعادت «مجموعة السبع» مجدداً. واعتبر ماكرون منذ أيام «أنه من المهم أن تعود روسيا للمجموعة». ويبدو أن هذا التغير في وجهة النظر الفرنسية مردّه إلى التخوف من استمرار التوتر العقيم مع روسيا، إذ ستبقى الصراعات في كل أنحاء أوروبا، وستبقى القارة مسرحاً لمعركة استراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا، وبالتالي ستظل أوروبا تتلقى تداعيات الحرب الباردة على أرضها.
وبالعودة إلى قمة بياريتس، فإننا نلاحظ أنه كان هناك تقارب في وجهات النظر بين قادة مجموعة السبع في ختام قمتهم، ففيما يتعلق بالمسألة الإيرانية أعلن ترامب أنه مستعد للقاء نظيره الإيراني حسن روحاني إذا كانت الظروف «مناسبة». وقال قبل رجوعه إلى أميركا: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل حاول نزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن عبر استضافة وزير الخارجية الإيراني لمحادثات، و«إذا كانت الظروف مناسبة، فسأوافق بالتأكيد على ذلك».
أما بالنسبة للعلاقات التجارية مع الصين فقال الرئيس الأميركي: إنه «لا خيار» أمام بكين سوى الرضوخ للضغوط الأميركية في الحرب التجارية، في وقت تسعى فيه واشنطن لإرغام بكين على القيام بإصلاحات عميقة في اقتصادها!
وبالنسبة للضرائب على عمالقة الإنترنت، أعلن الرئيس الفرنسي أنه توصل إلى «اتفاق جيد جداً» مع الولايات المتحدة حول الضرائب على هذه الشركات، وقال إن دول مجموعة السبع اتفقت على «التوصل إلى اتفاق عام 2020 في إطار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» بشأن ضريبة دولية على شركات الإنترنت. وأشار إلى أن فرنسا «ستلغي» الضريبة التي تفرضها وستعوض الشركات من خلال حسومات على الضرائب الجديدة عند البدء بتنفيذ الاتفاق الجديد، ولعل هذا ما أوقف امتعاض أميركا حيال فرنسا في الأشهر الماضية.
وأخيراً، وفيما يتعلق بحرائق الأمازون، فإن مجموعة السبع الكبرى تعهدت بتخصيص 20 مليون دولار كإجراء عاجل لإخماد الحرائق الهائلة التي تلتهم غابات الأمازون، وبوضع خطة مساعدة لإعادة زرع الأشجار في هذه المناطق المتضررة. وتستوجب هذه «المبادرة من أجل الأمازون» موافقة البرازيل والدول الأمازونية الثماني الأخرى المجاورة بالتعاون مع السكان المحليين والمنظمات غير الحكومية.

*أكاديمي مغربي