اقترب السابع عشر من سبتمبر، يوم التصويت الحاسم في الانتخابات الإسرائيلية، أي بعد ثلاثة أسابيع تقريباً، وقد آن لنا أن نلقي نظرة على التفاعلات الجديدة وأهمها برنامج إيهود باراك للتسوية من ناحية، واستخدام بنيامين نتنياهو لعمليات الجيش لتحقيق مصالح انتخابية من ناحية ثانية.
نبدأ بالطرح السياسي الذي قدمه حزب «إسرائيل ديمقراطية» بقيادة باراك، رئيس الوزراء الأسبق، لتسوية النزاع مع الفلسطينيين، حيث قال أحد كبار رجال الحزب: «سنبدأ بالمفاوضات الإقليمية وبمفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بهدف الوصول إلى دولتين. وإذا ما تبين لنا بشكل قاطع أن هذا أمر مستحيل، فلن يكون أمامنا خيار سوى العمل في اتجاه الحل أحادي الجانب، وسنفرض حدودنا ونحقق داخلها جميع مصالح الأمن وضمنها كُتل الاستيطان، ونعلن مسبقاً أنه لا توجد لدينا أي مطالب في الأراضي الواقعة خارج هذه الحدود، وطبعاً سنضم الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل».
لقد أجرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مؤخراً حواراً مع باراك حول رؤيته السياسية، هاجم فيه بشدة نتنياهو واتهمه بأنه يضيع التسوية الإقليمية التي كان يمكن أن تخلق نظاماً، وقال إن نتنياهو يضيع هذه الفرصة لأنه لا يمكن تحقيق هذا النظام بدون الحديث عن الموضوع الفلسطيني بجدية، لكنه يهرب من هذا الموضوع.
وعن رؤيته لسياسات حكومة نتنياهو، وصفها باراك بأنها تؤدي إلى ضم الضفة وإلى كارثة. وعبّر باراك عن اعتقاده بأن معسكر اليمين بتنويعاته وأحزابه الصغيرة، مثل حزب «اليمين الجديد» بقيادة إيليت شاكيد وبينت وحزب «البيت اليهودي» وحزب «الاتحاد القومي» وحزب «عوتسماه يهوديت» (أي القوة اليهودية).. تتجه بقيادة «ليكود» نحو كارثة وطنية ستتمثل في سيطرة إسرائيل على المنطقة التي يسكنها ملايين الفلسطينيين من الضفة الغربية، وبالتالي سيتحول الوضع إلى دولة مزدوجة الجنسية أو إلى دولة آبارتايد أي فصل عنصري بين العرب واليهود.
وأكد باراك أن حزبه على العكس من هذا؛ سيحدد حدوداً لإسرائيل، مع ضمان السيطرة الكاملة على نهر الأردن، وأضاف: وبالتالي ستكون داخل حدودنا أغلبية يهودية، وكذلك كتل جوش عصيون ومعليه أدوميم وجفعات زئيف وأريئيل وقدوميم، وأيضاً المستوطنات الملاصقة لحدودنا، وكذلك الطرق المؤدية إليها.. لكن المستوطنات الواقعة خلف هذا لا علاقة لها بالأمن.
ومن ناحية أخرى نلاحظ أن نتنياهو يتعرض لهجوم حاد، بسبب استغلاله العمليات العسكرية لتثبيت صورته بوصفه «رجل الأمن»، ليعلن تفوقه على الجنرالات المنافسين له. وقد هاجمه موشيه يعلون، وزير دفاعه السابق والذي انضم إلى حزب «كاحول لافان» بقيادة الجنرال جانتس، بسبب إعلانه عن عمليات يقوم بها الجيش الإسرائيلي لإحباط الهجمات الإيرانية التي كان يتم التخطيط لها من الأراضي السورية. يقول يعلون: لقد اعتدنا القيام بالكثير من هذه العمليات دون أن نعلن عنها لأسباب أمنية.
وكان نتنياهو قد خرج بنفسه بعد إحدى تلك العمليات ليقول: «لا حصانة لإيران في أي مكان». وهو الأمر الذي اعتبره يعلون استغلالاً سياسياً وانتخابياً لعمليات الجيش. أما باراك فقال إن نتنياهو بهذا الإعلان يسبب خسائر لإسرائيل، لأننا اعتدنا ألا نعلن عن مثل هذه العمليات حتى لا نحرج الطرف الآخر أمام جماهيره، وبالتالي نعطيه الفرصة للاستفادة من الغموض والتهرب من الرد العسكري.