«فقدت الإمارات أحد أعمدة الإعلام والصحافة والأدب.. رحم الله حبيب الصايغ.. وأسكنه فسيح جنانه.. وسيبقى عمله وشعره وكتاباته المحبة لوطنه خير إرث له.. وستبقى الأوطان خير شاهد على أصحاب الأقلام». بتلك الكلمات نعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فقيد الإمارات والعالم العربي المغفور له حبيب الصايغ الذي وافته المنية قبل أيام تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً وأدبياً سيظل شامخاً أمام الأجيال القادمة.
هو «حبيب يوسف عبدالله الصايغ» من مواليد إمارة أبوظبي عام 1955 والذي تميز في الشعر والأدب والعمل الصحفي لتتعدد إسهاماته بين رئاسة مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ومنصب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب. بجانب ذلك كان للفقيد دور أدبي بارز سواء من خلال رئاسته لهيئة تحرير مجلة «شؤون أدبية» التي تصدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات أو إصداراته الشعرية التي بلغت المستويات العالمية عندما تمت ترجمة قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والصينية. أضف إلى ذلك إسهاماته في مجال المسرح عندما ترأس الهيئة الإدارية لمسرح أبوظبي، بجانب تميزه في العمل الحكومي ذي الصبغة الإعلامية عندما تقلد منصب مدير الإعلام الداخلي في وزارة الإعلام والثقافة بجانب منصب نائب رئيس لجنة توطين وتنمية الموارد البشرية في القطاع الإعلامي في دولة الإمارات.
ويجب ألا ننسى دور فقيد الإمارات في تطوير العمل الصحفي في الدولة عندما تقلد مناصب بارزة في صٌحف الدولة من أهمها رئاسة اللجنة الوطنية للصحافة الأخلاقية في الإمارات ومنصب نائب رئيس تحرير صحيفة الاتحاد عام 1978 بجانب تأسيسه ورئاسته لهيئة تحرير مجلة «أوراق» الثقافية الشاملة. كما كان الفقيد كاتباً مشاركاً في صحافة الإمارات منذ بداية تأسيسها وله زاوية يومية لم يتوقف عن نشرها منذ فبراير 1978 بجانب الدور المهم والحيوي الذي لعبه في تشجيع شباب الوطن على خوض غمار العمل الصحفي عندما حرر أول صفحة تعنى بالأقلام الواعدة في صحافة الإمارات (صحيفة الاتحاد – نادي القلم 1978)، كما قام رحمه الله بخطوة ساهمت في تطوير الأعمال الثقافية لصحافة الإمارات عندما أسس أول ملحق ثقافي بالإمارات (الفجر الثقافي 1980)، مما ساهم بصورة ملحوظة في نشر الوعي الثقافي وترسيخه لدى المواطن والمقيم.
وعلى الصعيد العربي، كانت للصايغ مواقف وطنية لامست قلب المواطن العربي من المحيط للخليج العربي، ولعل من أبرزها تصريحه كأمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي قال فيه «الجولان سورية وفلسطين قضيتنا حتى التحرير»، وذلك رداً على قرار الولايات المتحدة الأميركية المخالف لقرارات الأمم المتحدة الاعتراف بالسيادة «الإسرائيلية» على هضبة الجولان السورية المحتلة ونقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة.
وحظي الصايغ رحمه الله بتكريم وتقدير الدولة لتاريخه وإنجازاته الثقافية عندما كرمته جمعية الصحفيين عام 2006 كأول من قضى 35 عاماً في خدمة الصحافة الوطنية بجانب حصوله عام 2007 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وكانت المرة الأولى التي تمنح لشاعر، كما قام «معرض الشارقة الدولي للكتاب» باختياره «شخصية العام الثقافية» في 2012. ولقد توقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عند ذلك التاريخ الكبير لفقيد الإمارات عندما نعاه قائلاً: «فقدت الإمارات قامة أدبية وثقافية رفيعة.. شكّل عطاؤه رافداً إبداعياً هاماً أثرى المشهدين الإماراتي والعربي بأعماله القيمة.. رحم الله حبيب الصايغ صاحب القلم المبدع والمخلص لوطنه وأسكنه فسيح جناته». أمين.