(إن كتلة الهواء الساخن، حطمت حالياً كافة الأرقام القياسية لدرجات الحرارة في أوروبا هذا الأسبوع، وهي في طريقها إلى «الخطر الأكبر»). والجملة جاءت على لسان السيدة «كلير نوليس»، المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، صرحت بها الأسبوع الماضي. وفي غمرة الحرارة التي عمّت العالم، من دون استثناء تقريباً، وكانت الأشد في منطقة الجزيرة والخليج العربي، وبعض مناطق أفريقيا، يتساءل البعض في ضوء ما صرحت به «كلير»: ما هو «الخطر الأكبر»، وأين سيكون؟ مستبعدين وجوده، فبعدما وصلت الحرارة إلى ما وصلت إليه من درجات غير مسبوقة، في بعض الأماكن من العالم، لم يعد لدى الإنسان مساحة استيعاب نفسية لأي خطر أكبر أو مفاجئ. والحقيقة أن المتحدثة باسم الأمم المتحدة، اعتمدت في قولها على تقرير سرّب إلى الصحافة العالمية، وهو كان صدر عن الأمم المتحدة نفسها، لتفاجئ به صحيفة «واشنطن بوست» العالم بتقرير يحمل عنواناً مثيراً: (تحذير من الخطر الأكبر الذي يهدد كوكب الأرض). وتتحدث عن تحذير شديد اللهجة حول التغيّر المناخي الذي أصبح حقيقة لا يمكن إنكارها أو التنصل منها. وفي التفاصيل يقف المرء على كيف سيتكوّن (الخطر الأكبر) وأين؟ إن كتلة الهواء الساخن التي تعم اليوم أرجاء المعمورة كلها تقريباً، هي حالياً في طريقها إلى جزيرة (جرينلاند) التابعة للدنمارك (ما يهدد بذوبان الغطاء الجليدي للجزيرة لأول مرة في التاريخ). ماذا سيترتب على ذلك؟ تقول الصحيفة نقلاً عن التقرير: سيتسبب ذلك في ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي سيزيد من ذوبان الغطاء الجليدي في تلك الجزيرة الباردة. في حين قالت السيدة «كلير» إن (البيانات الواردة من الدنمارك تشير إلى أن الأوضاع في الجزيرة (كارثية). كيف؟ تضيف المتحدثة الأممية: لو استمر الحال على ما هو عليه، فمن المتوقع أن ترتفع مياه البحار والمحيطات 23 قدماً (حوالي 7 أمتار). وتصاعدت المخاوف بعدما جذبت المهتمين تغريدات لخبراء المناخ يؤكدون فيها أن الخطر جديّ وليس اجتهاداً. إحدى التغريدات كانت للخبير (مارتن ستندل) على صفحته بتوتير (إن الغلاف الجوي مستمر في جلب المزيد من الكتل الهوائية الدافئة نحو جزيرة جرينلاند وتسبب في رفع درجة الحرارة، وهذا سيؤدي إلى المزيد من ذوبان الجليد في المساحات اليابسة خلال الأسابيع المقبلة). أما الباحث المناخي «زاك لاب» من جامعة كاليفورنيا، فصرح: إن موجة الحر في القطب الشمالي قادمة، ويمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة، وقد تدفع الجليد البحري إلى مستوى قياسي من التناقص في نهاية موسم الذوبان. وبعد، فبرغم كل ما ذكر وينطوي على مخاطر وتحديات على العالم أن يتنبّه لها ويتعامل معها بجدية، فإن هنالك عدة حلول لعل أولها أن يتّحد العالم في وجه هذه الكارثة البيئية، وأن يُفعّلوا «اتفاقية المناخ»، وأن ينضم لها من هرب ولم يوقع عليها. إن الأولوية الآن على الصعيد العالمي تتمثل في البيئة، والإنسان جزء من مكوناتها، وحماية البيئة ضمانة لمستقبل أجيالنا القادمة.
* إعلامي وكاتب صحفي