أثار قرار الحكومة اليابانية، يوم الجمعة الماضي، باتخاذ المزيد من إجراءات الرقابة على التجارة مع كوريا الجنوبية، معارضةً شرسةً من حكومة سيول.
وكان النزاع التجاري بين البلدين، قد نشب في المقام الأول بسبب انتهاك سيول للقانون الدولي، فيما يتعلق بالدعاوى القضائية المتعلقة بالاستغناء عن العمال السابقين في كوريا الجنوبية، خلال فترة الحرب العالمية الثانية.
ولم تفلح الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة، وهي حليف لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، في تهدئة النزاع وفي الدفع نحو المصالحة بين الجانبين.
وقال وزير الخارجية الياباني، «تارو كونو»، خلال اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا واليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الذي عقد في بانكوك، يوم الجمعة الماضي: «لا أعلم علامَ استندت وزيرة الخارجية الكورية الجنوبية، كانج كيونج-هوا، في انتقاداتها ضد اليابان». وجاء تعليقه رداً على الانتقاد القوي الذي وجهته «كانج» في بداية الاجتماع لقيام اليابان بتشديد الرقابة على الصادرات إلى كوريا الجنوبية، باعتبارها خطوة «تتم من جانب واحد وبأسلوب تعسفي»، واستطرد كونو قائلاً: «إن دور اليابان في المجتمع الدولي هو تطبيق ضوابط التصدير بفاعلية»، كما زعم أن قرار اليابان بإلغاء ما يسمى وضع القائمة البيضاء لكوريا الجنوبية قد اتُخِذَ كجزء من ضوابط التصدير الخاصة بها لأغراض أمنية فقط. وكان من النادر، بالنسبة لليابان، أن تتبادل الانتقادات العنيفة مع كوريا الجنوبية في اجتماع دولي.
وكانت الحكومة اليابانية، قد أعادت تسمية القائمة السابق ذكرها من الشركاء التجاريين المؤهلين لإجراءات التصدير بصيغة مبسطة ليصبح اسمها الجديد: «المجموعة أ».
وموقف طوكيو هذا، ليس خطوة استثنائية لاستبعاد سيول من قائمة دول «المجموعة أ»، فالاتحاد الأوروبي أيضاً لا يعتبر كوريا الجنوبية شريكاً تجارياً يمكنه الحصول على معاملة تفضيلية، ومع ذلك، فإن ثمة كثيرون يعتبرون موقف اليابان ضد كوريا الجنوبية «إجراءً انتقامياً».
وأشارت صحيفة «واشنطن بوست»، إلى هذا الموضوع على الإنترنت، يوم الجمعة، بعنوان «النزاع بين اليابان وكوريا الشمالية يتصاعد فيما تتراجع العلاقات التجارية»، كما عرضت قصة الخلاف على بعض الخبراء الذين اتهموا طوكيو «باستخدام التجارة كسلاح سياسي».
وقد تمت الإجراءات اليابانية، لتعزيز الرقابة على الصادرات ضد كوريا الجنوبية بقيادة وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، وتم استبعاد وزارة الخارجية، المسؤولة عن إحاطة المجتمع الدولي ووسائل الإعلام الأجنبية، حول عمليات اتخاذ القرارات الأولية والمناقشات حول هذه القضية.
وحاولت الولايات المتحدة، التي اتخذت موقفَ الانتظار والترقب تجاه النزاع، تخفيف حدة التوتر بين البلدين، بناءً على طلب قوي من كوريا الجنوبية، ومن الواضح أن واشنطن تخشى أن يؤدي اشتداد المواجهة إلى إضافة تهديد جديد للأمن في شمال شرق آسيا، وفي يوم الجمعة الماضي، حث وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الدولتين على السعي للتوصل إلى حل وسط خلال اجتماع لوزراء خارجية اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
ومع ذلك، فإن المواجهة بين طوكيو وسيول تنبع من فشل حكومة كوريا الجنوبية في معالجة أحكام بلدها بشكل ملموس، فيما يتعلق بمسألة العمال الذين تم الاستغناء عنهم في زمن الحرب، مما سيؤدي إلى إلغاء اتفاق اليابان وكوريا الجنوبية الموقع عام 1965، بشأن تسوية المشاكل المتعلقة بالممتلكات والمطالبات والتعاون الاقتصادي.
وقال مصدر حكومي ياباني: «حتى إذا تدخلت الولايات المتحدة، فلن تغير اليابان موقفها، لأن هذا من شأنه أن يرسل رسالة خاطئة إلى كوريا الجنوبية».
ويذكر أن هناك الكثير من المشاكل العالقة بين الدولتين، من بينها القضايا المتصلة بذلك الملف الحساس الذي يعرف باسم «نساء المتعة»، والنزاع حول جزر تاكيشيما، وحادث قامت فيه البحرية الكورية الجنوبية بتوجيه رادار لمكافحة الحرائق على طائرة تابعة لقوات الدفاع الذاتي.

يوتا آبي ويويا يوكوبوري

كاتبان مختصان بالقضايا الآسيوية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج  نيوز سيرفس»