باكتشاف الخلية «الإخوانية» الهاربة من مصر في الكويت، يتضح كيف أن «الإخوان» خطيرون كإرهابيين يخططون في الظلام ويحمون بعضهم بعضاً في جميع أنحاء العالم العربي، وكم هم آفة تهدد أمن وسلامة دول الخليج العربي بشكل عام ودولة الكويت بشكل خاص التي هي عرضة أكثر من غيرها من دول الخليج لذلك الخطر. ما يحير في أمر هذه الخلية «الإخوانية» الإرهابية، هو أنها تمكنت من دخول الكويت والإقامة فيها بطرق عجيبة ووسائل غريبة رغم ما عرف عن الكويت منذ زمن طويل من حرص في تطبيق قوانين الهجرة والإقامة بشكل صارم.
ما يدل عليه ذلك هو أنهم، أي أعضاء الخلية «الإخوانية» المصرية قد وجدت من سهَّل لها أمورها في الدخول والإقامة، ووفّر لها الحماية من الوقوع في قبضة السلطات الأمنية الكويتية. وكمواطن خليجي شهد بأم عينه كيفية تنامي نفوذ «الإخوان» الاجتماعي والسياسي في الكويت، وكان جزءاً من الصراع الطلابي ضدهم عندما كنت طالباً في جامعة الكويت، لا أستغرب كثيراً أنهم وجدوا من يأويهم ويتستر عليهم من «إخوان» الكويت المحليين.
وهذه الخلية «الإخوانية» الهاربة من مصر ووجدت لها مأوى وحماية في الكويت لن تكون الأولى أو الأخيرة، سواء كان ذلك في الكويت أو دول العالم العربي الأخرى. والمهم في هذه المرحلة احتواء ذلك النفوذ والسيطرة عليه، وعلى من يشكله كأفراد وكجماعة، فهذا هو بيت القصيد. إن قصة تنامي نفوذ «الإخوان» في الكويت يجب أن تروى بأمانة وتفصيل، لأن ما هو عجيب ليس حمايتهم وإيواءهم لفلول «الإخوان» الإرهابية القادمة من شتى أصقاع العالم العربي ولكن كيفية تسلقهم قمم هرم النفوذ الاجتماعي والمالي.
محدثكم هو أحد الدارسين الخليجيين الذين درسوا وتتبعوا كيفية تسلق «الإخوان» في الكويت منذ عام 1965-1966 إلى حين كتابة هذه السطور. وسأبدأ بالقول إنه منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين، ورغم وجودهم في الكويت من خلال واجهتهم الحزبية (أو كما يسمونها هم الثقافية - الاجتماعية) المعروفة وهي «جمعية الإصلاح» كان الإخوان يعدون هامشيين جداً في الحياة السياسية والنظام السياسي في الكويت. وباستثناء بعض الأصوات الخافتة التي كانت تخرج من هنا أو هناك من زوايا المجتمع الكويتي لم يكن أي من قيادات «الإخوان» يشارك بشكل علني في مجلس الأمة أو المجلس البلدي أو أي من مؤسسات الحياة السياسية. ويعود السبب في ذلك إلى أن موجة المد الإسلامي لم تجد طريقها بعد وبشكل واضح في الحياة السياسية، لذلك فإن «الإخوان»، مقارنة بفئة التجار من العوائل الكويتية الكبرى صاحبة النفوذ، أو بأولئك المنتمين للتيار القومي أو التيار الناصري، لم يكونوا يملكون آنذاك القاعدة الاجتماعية أو القوة الاقتصادية التي تجعل من الدولة أو المجتمع يشعر بنفوذهم أو يقدر خطورتهم على الحياة السياسية. ويوجد سبب آخر يتعلق بوجود «الإخوان» في النظام التعليمي - وجامعة الكويت، والمدارس الثانوية والمعاهد العليا الموجودة - والكويت لم يكن فيها آنذاك سوى جامعة وحيدة هي جامعة الكويت التي كان ينتشر فيها فكر التقدميين والليبراليين والقوميين العرب والناصريين، وبشكل خاص من خلال الاتحاد الوطني لطلبة الكويت. وبالإضافة إلى ذلك، فإن فكر «الإخوان» ذاته لم يكن قد انتشر بعد بشكل واسع في الأوساط الشعبية، وكان المنتمون إليه قليلين جداً، تنحدر أصولهم الاجتماعية إلى الطبقة الدنيا، التي لم يكن أفرادها ذوي تأثير يذكر في الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية، دع عنك جانباً الحياة السياسية، وجلّ ما يسعون إليه هو وظيفة حكومية صغرى في الحكومة أو الشرطة أو الجيش، وإذا كان الفرد منهم عالي الطموح أو يسعى إلى نشر فكر الجماعة، فإنه يسعى إلى وظيفة مدرس في إحدى المدارس الحكومية وللحديث صلة.
*كاتب إماراتي