في الآونة الأخيرة، حدثت تعديلات كثيرة في مصلحة خدمات الجنسية والهجرة الأميركية المسؤولة عن إدارة مساعدات الهجرة، والتي توليت منصب مديرها بين عامي 2014 و2017. وفي فبراير 2018 عدلت المصلحة بيان رسالتها حيث وصفت الأشخاص الذين يسعون للحصول على مساعدات الهجرة، وهم أشخاص وأصحاب عمل يدفعون عادة مبالغ كبيرة من المال في رسوم التقاضي، باعتبارهم «زبائن». وأزالت هدف المصلحة في «تحقيق وعد الولايات المتحدة كأمة للمهاجرين». والبيان الأحدث والأكثر بروداً بشأن رسالة المصلحة، جاء بالتوازي مع تطور المصلحة من جهاز يقدم الخدمات، وهي الرسالة التي دافع عنها كلا الحزبين من قبل، إلى أهداف تقييدية يريدها كثيرون في إدارة ترامب.
وأثناء تكشف ذلك التحول، تكدست القضايا في المصلحة لدرجة أن اللجنة القضائية في مجلس النواب عقدت جلسة استماع في وقت مبكر من شهر يوليو الماضي لاستكشاف الأسباب والعواقب الضارة للتأخير الشديد في معالجة القضايا. وباعتباري مديراً سابقاً، أعرف تمام المعرفة أن هذا التأخير ليس نتيجة سياسات الإدارة الحالية فحسب، بل ناتج كذلك عن طائفة من العوامل، كثير منها ما يعود لعمليات المصلحة ونموذج تطوير الميزانية. لكن الزمن الذي يستغرقه معالجة القضايا في المصلحة، استطال أمده بشدة في ظل إدارة ترامب رغم انخفاض حجم الطلبات الجديدة، ورغم زيادة ميزانية المصلحة. وقد أشارت ماركيتا لينت، رئيسة جمعية محامي الهجرة الأميركية، في شهادتها خلال جلسة الاستماع، إلى أن متوسط الفترة التي تستغرقها قضية في المصلحة زاد بنسبة 46% من السنة المالية 2016 إلى السنة المالية 2018.
وفي ذلك المدى الزمني، طبقت إدارة ترامب طائفة من السياسات والممارسات التي لا مبرر لها سوى كونها تطيل مدة معالجة القضايا. وبموجب إحدى هذه السياسات، يتعين على كل طالب بطاقة خضراء برعاية صاحب عمل أن يجري مقابلة شخصية، رغم أنه لا يوجد مسوغ عملي لمثل هذه المقابلات إلا في مجموعة صغيرة من الحالات تنطوي على احتمالات أكبر لتقويض السلامة العامة وسلامة نظام الهجرة.
وهذه المقابلات التي تشمل الجميع، تستنزف الموارد المحدودة وتطيل أمد الانتظار للأشخاص الذين يسعون للحصول على عمل في الولايات المتحدة، وأيضاً للذين يحاولون الالتحاق بأسرهم أو تحقيق اندماج مدني كامل بالحصول على الجنسية. وارتفعت أيضاً نسبة القضايا التي تطلب فيها المصلحة أدلة إضافية، هي غالباً أدلة مكررة أو لا صلة لها بالأمر.
وقد أصبحت المصلحة تعيد توجيه مواردها بشكل متزايد بعيداً عن الوفاء برسالتها المحددة في قرار إنشائها، باعتبارها وكالة لتقديم الإعانات. وهذا رغم أن موقع المصلحة على الإنترنت لم يعترف فقط بهذه الرسالة، بل يميزها أيضاً عن رسالة اثنتين من وكالات الهجرة التابعة لوزارة الأمن الداخلي، هما وكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك ووكالة الجمارك وحماية الحدود. فقد جاء على موقع المصلحة: «جرى تشكيلنا لنعزز الأمن ونحسن كفاءة خدمات الهجرة القومية من خلال التركيز حصرياً على إدارة طلبات الحصول على المساعدات. وكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك ووكالة الجمارك وحماية الحدود، وهما تابعتان لوزارة الأمن الداخلي، تقومان بوظائف تنفيذ قوانين الهجرة وأمن الحدود».
لكن إدارة ترامب متمسكة فيما يبدو بالنظر إلى المصلحة من منطلق أنه يجب عليها أن تقوم بالعمل التنفيذي لوكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك ووكالة الجمارك وحماية الحدود. فبعد يوم من جلسة الاستماع بشأن التأخير في معالجة القضايا، كشفت تقارير عن رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلها المقر الرئيسي للمصلحة إلى العاملين، تطلب منهم التطوع بالقيام بواجبات إدارية في المكاتب الميدانية لوكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك على امتداد البلاد.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، ظهر مدير المصلحة في وسائل الإعلام واعداً بمداهمات لوكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك ضد الناس الذين وجهت إليهم أوامر ترحيل نهائية، رغم أن هذه الأعمال ليست بحال من الأحوال من الاختصاص القانوني للمصلحة التي يديرها. وتسعى ميزانية 2020 التي تقترحها إدارة ترامب إلى تحويل أكثر من 200 مليون دولار من رسوم الطلبات إلى وكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك لتغطية رواتب موظفين في الوكالة وأمور أخرى.
لكنني أذكر هنا أن مصلحة خدمات الجنسية والهجرة، بموجب التنظيم التشريعي، ليست وكالة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك ولا تابعة لها. وهذا الفصل في الوظائف هو تحديداً ما يجعل المصلحة في وضع يمكنها من لعب دور بوابة تقديم خدمات يدخل عبرها أصحاب المواهب من أنحاء العالم إلى الولايات المتحدة، ويلتئم من خلالها شمل المواطنين الأميركيين بذويهم، ومن خلالها يمكننا أن نطور المصالح الأمنية لبلادنا بإدارة برامج المساعدات الإنسانية التي تميز الولايات المتحدة كمنارة للحرية. ومصلحة خدمات الهجرة والجنسية حين تكون مخلصة لمهمتها القانونية، فهذا حيوي لأمننا واقتصادنا وسلامة أسرنا ومجتمعاتنا. وإذا كان مسؤولونا قد نسوا هذا، فعلى الأمة أن تذكرهم به، وفي أقرب وقت ممكن.

*مدير مصلحة خدمات الجنسية والهجرة الأميركية بين عامي 2014 و2017
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»