أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسست في عام 1971، على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، استثنائيتها كبلد للتعايش والتسامح، حيث حرصت على اعتماد تشريعات وتطبيق ممارسات تؤصل لقيم السلم والتعددية والحريات؛ وخاصة الدينية منها، فللجميع حق ممارسة شعائرهم الدينية، وهم ينعمون بالعيش في دولة قامت على معايير التنوع واحترام الآخر، استناداً إلى ضرورة ترسيخ الحوار بين الأديان والثقافات، وتحويلها إلى واقع ملموس، وهو ما أكده البابا فرنسيس، في كلمة متلفزة له أمام الحضور في اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات حين قال: «لقد رأيت دولة حديثة تسعى إلى أن تترجم كلمات مثل التسامح والأخوّة والاحترام المتبادل والحرية إلى مبادرات وأفعال على أرض الواقع».
وانطلاقاً من الحرص على الانخراط في جميع الفعاليات الخاصة بحوار الأديان والثقافات، وتعزيز الحريات الدينية، شاركت دولة الإمارات مؤخراً في ملتقى «قادة المعتقدات والطوائف الدينية» الذي نظمته وزارة الخارجية الأميركية، بوفد ترأسه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، الذي قال: «الحرية الدينية مكفولة للجميع في الإمارات، كما أن الدولة ترحب بالتنوع الديني»؛ الأمر الذي يؤكد حرص الدولة على جعل السلم القائم على الحرية والتنوع، الطريق الأول نحو الاستقرار والأمن والطمأنينة.
وفي خطوة نحو تعزيز الشراكة العالمية في الحوار بين الأديان وحماية الأقليات ومكافحة التطرف، وقّعت دولة الإمارات خلال الملتقى، إلى جانب دول عدّة سبعةَ بيانات؛ أهمها: استخدام التقنيات والحرية الدينية، وحماية أماكن العبادة، واحترام الأديان والمعتقدات، وإساءة توظيف أتباع الأديان والمعتقدات من قبل جهات غير رسمية، بما فيها الجماعات الإرهابية، ومكافحة الإرهاب بذريعة قمع الحرية الدينية، وغيرها؛ الأمر الذي يؤكد التزامها بكل ما من شأنه تفعيل ثقافة وممارسات التواصل والتعايش والتعددية، والاهتمام بشؤون الأقليات الدينية وحمايتها من مظاهر العنف والتطرف والإقصاء، حتى باتت نموذجاً يحتذى به في تعزيز الحريات الدينية؛ لكونها تمتلك منظومة من التشريعات والبرامج والاستراتيجيات الضامنة لممارسة الأفراد شعائرهم الدينية ومعتقداتهم بحرية وشفافية وعدالة، وهو ما جعل منها وجهة جاذبة لكل من يرغب في العمل والعيش والسياحة فيها.
إن دور دولة الإمارات في التعددية الدينية، تؤكده الجهود التي تبذلها في نشر ثقافة التعايش وترسيخ قيمة الفرد الإنسانية، أيّاً كان دينه، لاسيما في ظل قيادة حكيمة، أتاحت كل الظروف الملائمة لاستيعاب الاختلافات، في مناخ يؤمن بتعدد المعتقدات والثقافات، بانسجام واحترام وحرية وانضباط، وتحويل هذه المعايير إلى عمل مؤسسي مستدام، تجلّى في استحداث وزارة للتسامح في عام 2016، وقرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بإعلان عام 2019 عاماً للتسامح، واستضافة «المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية» في فبراير الماضي، والذي تزامن مع الزيارة المشتركة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى الدولة، بدعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، والتي أثمرت عن صدور «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، وهي التي تؤكد في بعض بنودها، أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام والأخوة الإنسانية والعيش المشترك؛ وأن حماية دور العبادة، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وأن الحرية حق لكل إنسان: اعتقاداً وفكراً وتعبيراً وممارسة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.