«الإمارات والصين تتطابقان في تعزيز التعاون الدولي والانفتاح على العالم»، تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، أثناء زيارته للصين مطلع العام الحالي على رأس وفد الدولة في منتدى «الحزام والطريق للتعاون الدولي» وتلك المقولة تجسد، الدور الذي تلعبه الإمارات والصين في العقود الأخيرة على الساحتين الداخلية والدولية. حكومتا البلدين لديها استراتيجية واضحة لمنح شعوبهما الأمن والاستقرار والأمان والازدهار الاقتصادي وموقع الريادة بين بقية شعوب العالم من خلال توفير أفضل معدلات الحياة والانفتاح على العالم. وللحكومتين سياسات خارجية قوية تهدف إلى ترسيخ التعاون الدولي مما ساهم في تبوأ أبوظبي وبكين مكانة دولية رفيعة بين الدول.
والمتتبع لإنجازات حكومة الإمارات يجد مدى النجاح الذي حققته للمواطن من تصدر العديد من مؤشرات تقارير التنافسية العالمية في السنوات الأخيرة، كما أن إنجازات حكومة الصين جديرة أيضاً بالتنويه والإشادة. فهي الدولة الوحيدة التي استطاعت بناء اقتصاد رأسمالي عالمي منذ عام 1978 في ظل نظام حكم «شيوعي» لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وهي تتصدر الدول في مختلف القطاعات التكنولوجية والاقتصادية، ابتداء من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة المتجددة والبنية التحتية والقطاعات الطبية، وصولاً إلى التكنولوجيا الزراعية، وأحدث وسائل النقل في العالم، كما أصبحت أكبر منتج للطاقة الشمسية في العالم من خلال المزارع البحرية إضافة لتحقيق بكين تقدم سريع في ميدان الاتصالات وخاصة في شبكة الاتصالات المتطورة من الجيل الخامس «جي.5». ويبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الصيني حالياً نحو 13 تريليون دولار، فيما يتوقع أن يواصل الاقتصاد الصيني صعوده صوب الصدارة ليصل حجمه إلى 51 تريليون دولار بحلول عام 2040.
كافة تلك المؤشرات بجانب تنامي القوة الاقتصادية للصين أصبحت تتلاقى مع رؤية ونهج واستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة، وتأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة هذا الأسبوع، بعد ثلاثة أشهر تقريباً من زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لبكين، ترجمة واضحة وقوية لمدى العٌمق في علاقات الصداقة بين الدولتين وتطور التعاون الاستراتيجي الشامل بينهما في مختلف المجالات والقطاعات.
فقد ارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والصين إلى 213.4 مليار درهم خلال عام 2018، وذلك وفق تقديرات رسمية أولية، أظهرت أيضاً أن هذا الرقم مرشح لبلوغ مستوى 257.6 مليار درهم بحلول عام 2020. وتصنف الإمارات بكونها ثاني أكبر شريك تجاري للصين في العالم، كما أنها أكبر شريك للصين في المنطقة العربية، حيث تستحوذ الدولة على 23% من حجم التجارة العربية مع الصين، كذلك فإن نحو 60% من التجارة الصينية يعاد تصديرها عبر موانئ الدولة إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو الأمر الذي أكسبها لقب بوابة العبور الأولى للتجارة الصينية لثلثي سكان العالم، وذلك علاوة على أن الإمارات هي من أكبر مصدري النفط إلى الصين. كما تعد الإمارات لاعباً رئيسياً في إطار «مبادرة الحزام والطريق»، وذلك نظراً لاعتبارات عدة أولها الموقع الجغرافي الاستراتيجي في المنطقة الذي يشكل نقطة تواصل بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. ومما لا ريب فيه أن تلك الإنجازات الثنائية بين الإمارات والصين تؤكد مدى وجود رغبة قوية لدى قيادة الدولتين في بناء مستقبل أفضل للشعبين في ظل ازدهار اقتصادي شامل يعود بالفائدة على أجيال المستقبل. ‏
*باحث إماراتي