«أفا عليك» عبارة شائعة في مجتمعات دول الخليج العربية، وهي عادة تُقال تعبيراً عن استعداد الشخص لتلبية احتياج شخص آخر أو مساعدته في موقف معين، والهدف منها سام ونبيل، ولكن أثناء مناقشاتي مع أحد الأصدقاء مؤخراً لفت انتباهي تحفظه على استخدام تلك العبارة في العديد من المواقف في السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى حدوث نتائج سلبية للغاية. ومن أبرز تلك النتائج، كانت تلك المتعلقة بالاستقطاب مما أدى إلى تعيين أشخاص في مواقع وظيفية لا تناسبهم مطلقاً، وكان المسوغ الوحيد في حصولهم على الوظيفة عبارة «أفا عليك».
فمما لا ريب فيه أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة عند تأسيسها عام 1971 كانت في أمس الحاجة لجهود أبنائها المواطنين في كافة الوظائف وذلك للمساهمة في بناء وتطوير الوطن تحقيقاً لمقولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة: «الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا البلد قبل النفط وبعده، كما أن مصلحة الوطن هي الهدف الذي نعمل من أجله ليلَ نهار».
وقد كانت الرغبة في التنمية والانتماء الوطني الجارف والمؤهلات العلمية للعديد من أبناء الوطن الذين تلقوا الدراسة الجامعية في العديد من الدول بجانب الخبرات المهنية المختلفة، من أهم الأسس التي استندت عليها عملية استقطاب وتوظيف المواطنين. وقد كان لهؤلاء المواطنين بجانب الوافدين المؤهلين ذوي الخبرة دور بارز في النهوض بدولة الإمارات مما يستلزم الإشادة وبفخر بجهود الجيل الأول من المواطنين الذين ساهموا في وضع حجر الأساس لبناء وتطوير الوطن ثم جاءت الأجيال اللاحقة لتكمل المسيرة وتضع الدولة على طريق التنافسية العالمية وذلك تحقيقا لمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي قال:
«إن دولة الإمارات مثل شجرة تولتها القيادة والسواعد المخلصة بالعناية والرعاية، فنمت واشتدت وباتت باسقة عفية، كثيرة الفروع موفورة الثمار»، فالإمارات تحتل لسنوات طويلة المراكز الأولى في تقارير التنافسية العالمية، وكان آخرها تلك الصادرة عام 2018 عندما حصدت المركز الأول عالمياً في 73 محوراً ومؤشراً تتضمن الصحة والتعليم وجودة القرارات الحكومية والاقتصاد والعمل وتنافسية المواهب العالمية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعدل والأمن. أضف إلى ذلك إطلاق القمر الصناعي «خليفة سات» الذي تم تطويره من خلال نخبة من المهندسين والفنيين الإماراتيين، كما ساهم أبناء الوطن في تحقيق جواز السفر الإماراتي المركز الأول بين الدول ليصبح الأقوى في العالم.
تلك الإنجازات هي غيض من فيض، والتي تتحقق على أيد المواطن الإماراتي جيلا بعد جيل وذلك تحقيقا لمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي قال: «نحن شركاء في هذا الوطن، في سعادته وتقدمه وأمنه وهمومه ورسالة ردعه، فهناك من يحمل الراية الآن ويتقدم بها ليسلمها للجيل المقبل، وهذا أمر قادم لا محالة، وهذه سنة الحياة».
وبجانب تطرق المناقشات العديدة بيني وبين صديقي على تلك الإنجازات الوطنية الخالدة إلا أن التركيز كان ينصب أيضا على بعض المواطنين والوافدين الذين تم توظيفهم في مختلف قطاعات العمل في الدولة فقط بعبارة «أفا عليك» وكانت النتائج «سيئة». وبالتالي، ونظرا لدخول الإمارات عصر اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي والفضاء، فإن الأمر يستوجب من الجميع في مواقع سوق العمل التخلي عن «أفا عليك» حتى لا يتم توظيف الشخص غير المناسب في أي موقع عام، فدولة الإمارات بلغت من الرقي والتميز مرتبة الصدارة العالمية ولا تقبل قيادتها الرجوع للوراء أو حتى الوقوف في نفس المكان بسبب «أفا عليك».
*باحث إماراتي