يواجه العالم مشكلة حقيقية مع إيران بسبب كل ما تقوم به من أعمال شريرة مخالفة للقوانين والأعراف الدولية. وتوجد جهود متصلة أحادية وجماعية الطابع يقوم بها المجتمع الدولي، لحل هذه المشكلة. وصدرت حتى الآن مجموعة من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدين إيران وتفرض عليا العقوبات إلى جانب ما تفرضه الولايات المتحدة الأميركية بسبب استمرارها في غيها وضلالها. لكن أي من تلك الجهود لم تنجح حتى الآن والإيرانيون ماضون في الدفع إلى الأمام بكل ما يقومون به من استفزازات وبالدفع ببرنامجهم النووي، والتشدد في مطالبهم وسلوكياتهم تجاه المجتمع الدولي. ويعود السبب جزئياً إلى الدعم الذي تلقاه من كل من الصين وروسيا لأسباب اقتصادية وتجارية تخص كل واحدة منهما على حدة. الصين بسبب تعطشها إلى موارد الطاقة الأحفورية من نفط وغاز بالإضافة إلى المصالح التجارية الأخرى من ضمنها مبيعات الأسلحة، وروسيا بسبب مبيعات الأسلحة ومبيعات مكونات المفاعلات النووية والمبيعات التجارية الأخرى، هذا بالإضافة إلى عدم وجود تضامن قوي بين أعضاء المجتمع الدولي في مواجهة إيران كدولة مارقة.
روسيا تلعب دوراً غامضاً في المسألة الإيرانية، وتمارس رهاناً معقداً وملتبساً، فهي أكبر ممول أسلحة لإيران، وتقدر مشتريات إيران العسكرية من روسيا بحوالى 3 مليارات دولار أميركي سنوياً، وهذه مبالغ تدعم الصناعة العسكرية الروسية بطريقة يصبح معها الروس غير راغبين في قطع إمداداتهم العسكرية لإيران، وهذه عملية معقدة جداً، فمن جانب لو قامت حرب ضد إيران فإنها ستلجأ إلى شراء المزيد من الأسلحة من روسيا التي ستكون دون شك فرحة بذلك، ومن جانب آخر سيكون بيع المزيد من الأسلحة إلى إيران في حالة شن الحرب عليها من قبل تحالف دولي واسع النطاق تقوده الولايات المتحدة مدعاة لغضب واشنطن والحلفاء الآخرين، وسيزيد من فرض العقوبات على روسيا. وبالتأكيد أنه ليس من المنطقي أو العقلاني أن تقدم روسيا على التضحية بمصالحها مع عدد ضخم من الدول المهمة في العالم شرقاً وغرباً المنضوية تحت لواء التحالف من أجل سواد عيون الإيرانيين سوى نكاية بالولايات المتحدة وانتقاماً منها، وهذا ليس بسبب كاف أو منطقي في مسألة خطيرة كهذه، لكن السياسة في كل يوم تثبت بأنها بعيدة عن المنطق والعقلانية المجردة.
التصرف الروسي حيال المسألة الإيرانية سيبقى متأرجحاً وتحركه المصالح يمنة ويسرة، فروسيا ربما تفرح بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. الأمر الوحيد الذي قد يشكل إزعاجاً لروسيا هو احتمال إقامة منشآت نووية إيرانية على ضفاف بحر قزوين، فهذا الأمر قد يغير النظرة الروسية في مواقفها تجاه برامج إيران النووية وممارساتها الاستفزازية تجاه أمن وسلامة العالم.
لسان حال روسيا تجاه مشاكل إيران مع المجتمع الدولي هو أنها شائكة، وتدور حولها مجموعة من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات يصعب توفرها، فما هو موقف المجتمع الدولي، لو أن إيران تمكنت من تفجير قنبلتها النووية قريباً؟ وهل ستبقي واشنطن عدداً ضخماً من قواتها في المنطقة على ضوء ذلك؟ وكيف سيكون الشعور بالأمن لدى العرب والأوروبيين والآسيويين؟ وفي نهاية المطاف تعتقد روسيا بأنه ربما يصبح المجتمع الدولي مضطراً لمواجهة إيران عسكرياً، لكن روسيا ستكون خارج الحسبة لأن التكلفة ستكون مرتفعة جداً وروسيا ليست مستعدة لتحملها. لذلك فإن الأمل المنشود لديها هو أن تستمر الجهود الدبلوماسية إلى أن تنجح ولا يقدم العالم على عمل عسكري ضد إيران.
*كاتب إماراتي