قبل عام من الآن وفي مثل هذا الأسبوع، تم تشخيص أول مريض مصاب بفيروس الإيبولا شمال شرق الكونغو، مع تفشي موجة جديدة من المرض. واليوم تحولت هذه الحالة الوحيدة إلى ثاني أسوأ اندلاع للإيبولا في التاريخ –على الرغم من انتشار لقاح للمرض على نطاق واسع لأول مرة على الإطلاق، وتحسن أداء منظمة الصحة العالمية والجهود المضنية التي يبذلها العاملون في مجال الرعاية الصحية والمنظمات غير الحكومية العالمية.
ومع بلوغ عدد الحالات 2500 ولا تزال في ازدياد، حان الوقت لأن تعلن منظمة الصحة العالمية أن هذا التفشي يمثل حالة طوارئ صحية تثير قلقاً دولياً، لرفع مستوى التحذير العالمي للدول، خاصة الولايات المتحدة، بأنها يتعين عليها تكثيف استجابتها لهذه الحالة.
وقبل بضعة أشهر، بدا أن جهود الاستجابة التي كانت جارية آنذاك ربما تنجح في السيطرة على تفشي المرض. ومع ذلك، فقد عبر المرض الحدود (ودخل أوغندا) وما زال يواصل الانتشار. مع عدم وجود مسار للقضاء على هذا التفشي، يظل المسار المعاكس – أي التصعيد الحاد –ممكناً. ويتزايد خطر انتقال المرض إلى مدينة جوما المجاورة في الكونغو –والتي يقطنها مليون شخص وبها مطار دولي – أو العبور إلى مخيمات اللاجئين الضخمة في جنوب السودان. ومع عدم وجود سوى عدد محدود من جرعات اللقاح، فإن الأمر سيتحول إلى كارثة.
وقد عقد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم جيبريسوس» اجتماعاً للجنة الطوارئ التابعة للمنظمة ثلاث مرات قبل ذلك لمناقشة هذا التفشي الأخير للمرض، لكنه رفض الإعلان عن حالة طوارئ في الصحة العامة. وقد حان الوقت لـ«تيدروس» لإطلاق العملية مرة أخرى وإعلان حالة الطوارئ الذي تأخر موعده.
لماذا؟ لأن الإخفاق في إصدار مثل هذا الإعلان قد غذى شعوراً بوجود حالة من الرضا العالمي عن هذا الوضع، والذي بدوره يجعلنا تقريباً على شفا كارثة حقيقية. وعلاوة على ذلك، عندما يتم الإعلان عن حالة الطوارئ، ستصدر منظمة الصحة العالمية توصيات محددة، وهذه يمكن أن تحدث فارقاً في الكونغو. وقد تؤدي هذه الخطوات إلى تحسين إجراءات السلامة للعاملين في مجال الصحة في المنطقة، وزيادة المشاركة المجتمعية وتمديد الرعاية الصحية لما بعد معالجة الإيبولا.
وآخر هذه الخطوات هي أكثر ما يتم تجاهله: فالتوسع في استجابة الرعاية الصحية لتشمل تشخيص وعلاج الملاريا وأمراض الإسهال وصحة الأم سيؤدي إلى بناء الثقة ومشاركة المجتمع في وقف فيروس الإيبولا. كما أن تعزيز هذه الثقة سيحسن فعالية الاستجابة لعلاج الإيبولا ويجعل المستجيبين أكثر أمناً.
وعلاوة على ذلك، فإن إعلان حالة الطوارئ سيعزز تدابير التأهب في الدول المجاورة، لا سيما جنوب السودان، حيث توجد بالفعل أمراض تشبه الإيبولا -مثل الملاريا والتهاب الكبد الوبائي. ونتيجة لذلك، من الممكن أن تنتشر الإيبولا هناك ولا يتم تشخيصها لبعض الوقت.
ومثل هذا الإعلان لا يتطلب إغلاق الحدود وفرض قيود على التجارة والسفر، كما يخشى البعض. فهذه القيود ستجعل الاستجابة الحالية أقل تأثيرا، وليس أكثر. كما أن إعلان حالة الطوارئ وتسريع الاستجابة سيقلل في النهاية من خطر فرض مثل هذه التدابير غير المنتجة، إن التهديد الحالي المتمثل في التصعيد المستمر لتفشي المرض هو ما يجعل هذه التدابير أكثر احتمالاً.
ومن ناحية أخرى، قد يدفع هذا الإعلان الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهد للمساعدة في مكافحة فيروس الإيبولا في الكونغو. بينما اتخذت إدارة ترامب بعض الخطوات الإيجابية، إلا أنها لم تكن على مستوى التحدي المتزايد. وقد صدر بيان عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الأسبوع الماضي يتباهى بحجم المساعدات التي أرسلتها الولايات المتحدة في السابق لمكافحة المرض، دون أن تعد بوضوح بإرسال المزيد.
وأخيراً، يتعين على الولايات المتحدة أن تكثف جهودها من أجل إتاحة إجراءات مكافحة فيروس الإيبولا –لا سيما توفير لقاح الإيبولا الأساسي.
رونالد إيه كلين* دانييل لوسي**
*كاتب ومستشار حملة جو بايدن لعام 2020
**أستاذ مساعد في الأمراض المعدية بالمركز الطبي لجامعة جورج تاون
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»