يشير مصطلح المؤامرة، حسب الباحثين المختصين، إلى حدث أو عملية تم التخطيط لها بصورة سرية وغامضة، وذلك ضد مصالح أطراف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية وأمنية. وقد جرت في العالم مؤامرات كثيرة صنعها المتآمرون من خلف الكواليس وبسرية تامة، بهدف الإضرار بدولة أو شعب أو مؤسسة أو شخص.. لتحقيق أهداف أو للإضرار بمصالح معينة، دون أن تتوفر طريقة واضحة لإثبات وجود أدلة صريحة لتفسير ما حدث ولا تحديد من يقف وراءه بشكل واضح وعلمي ونهائي.
ويعيش العالم اليوم مؤامرات كثيرة ومتنوعة، حسب أحد الباحثين، وكلّما أوشك الرأي العام العالمي على اكتشاف مؤامرة، سواء من المؤامرات التي تنفذها الشركات الكبرى (أو حتى الصغرى) ضد بعضها البعض، أو الدول بحق بعضها البعض أيضاً، أو الجماعات السرية بحق أوطانها ومجتمعاتها، أو الدول الكبرى بحق العالم ككل.. يظهر من النخبة في مختلف الدول من يقول: أثبتوا ما تدعونه من وجود مؤامرة! متناسين أن من يقومون بالمؤامرة لا يتركون أثراً يدل عليهم أو يثبت مؤامراتهم.
ويعرِّف قاموس وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) المؤامرة بأنها ذلك العمل السري الذي يتم تخطيطه وتنفيذه بطريقة تمنع معرفة فاعليه وتسمح لهم بالإنكار إذا ما تمت معرفتهم.
ونتيجة لموقعه الجغرافي الاستراتيجي والحضاري ومخزونه من مصادر الطاقة، ما فتئ العالم العربي منذ قرنين يتعرض لمؤامرات يعمد منفذو بعضها إلى تنفيذ عمليات غسيل مخ اجتماعي واسعة لطمس أي أثر للمؤامرة. وقد صنف بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، العالم العربي كميدان أو كساحة أو كهدف لعدد من المؤامرات، وأوضح ذلك في كتابه «رقعة الشطرنج»، حيث تحدث عن إنشاء منظمات سرية لهذا الغرض خصوصاً.
وفي أيامنا هذه تحديداً، يذكر عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أنه كلما اقترب المجلس من الاتفاق مع «قوى الحرية والتغيير»، تحدث أشياء خارجة عن إرادة الطرفين تحول فجأة دون توقيع الاتفاق، ما يرجح وجود جهات لا ترغب في إتمام المصالحة ولا تريد الخير للسودان.
وتبدو الممارسات التآمرية واضحة في العديد من المجالات، منها اللغة والاقتصاد والسياسة. وهنا ننقل عن الدكتور محيي الدين عميمور وزير الإعلام الجزائري السابق، قوله في مقاله «حكاية الأمازيغية»: في بداية عهد الاستعمار الفرنسي للجزائر، اعتمد الفرنسيون على منطق «فرِّق تسُد»، وذلك بتحويل الاختلاف اللغوي الذي كانت تعرفه الجزائر وتتعايش معه دون أي خلاف، إلى تناقض عرقي. ثم بدؤوا ينشرون الأكاذيب بين العرب والأمازيغ ويوغرون صدور الأمازيغ خصوصاً ضد مواطنيهم العرب، وهو شبيه بما حدث ويحدث في معظم البلدان التي بها أقليات متنوعة.
وعندما قامت مؤخراً دول أعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا باعتماد عملة موحدة تسمى «أيكو»، لتحرير نفسها من التبعية المالية لفرنسا (من خلال الفرنك الأفريقي)، ما يحرم فرنسا من أرباح مالية أفريقية هائلة على شكل ودائع بمليارات اليورو.. تخوف المحللون الأفارقة من ردة فعل فرنسية غير معلنة قد تفضي إلى إفشال مشروع العملة الأفريقية الجديدة. وتوقعت الصحفية الكاميرونية «باني بيبي» أن تواجه الدول صاحبة المشروع الجديد، مصاعب واضطرابات داخلية عويصة. فالمساس بالفرنك، كما نقلت عن جنرال فرنسي، هو مسألة أمن قومي بالنسبة لفرنسا.
*كاتب إماراتي