تولي إمارة أبوظبي، ودولة الإمارات العربية المتحدة بوجه عام تمكين القطاع الخاص اهتماماً استثنائياً، وتعظيم دوره في مختلف الأنشطة الاقتصادية، وذلك من خلال مجموعة من السياسات والتشريعات التي تمنحه كل أنواع التسهيلات والإعفاءات، كي يكون شريكاً رئيسياً في مسيرة التنمية والتطور على الصعد كافة. وفي هذا السياق، بدأت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي مؤخراً، تنفيذ حزمة مبادرات اقتصادية نوعية يندرج بعضها ضمن برنامج «غداً 21»، لتعزيز مكانة الإمارة كمركز إقليمي وعالمي لممارسة الأعمال، ودعم الاقتصاد المحلي للإمارة، وذلك من خلال الشراكة مع القطاع الخاص في مختلف القطاعات الاستراتيجية التي يستهدفها محور التنمية الاقتصادية لخطة أبوظبي 2030.
وبالنظر إلى هذه المبادرات، يلاحظ أنها تستهدف تعظيم مشاركة القطاع الخاص بفعالية في منظومة الاقتصاد المحلي لأبوظبي، وجعله محركاً رئيسياً لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ولهذا فإن هذه المبادرات تتسم بالتنوع لتغطي الأنشطة التي يمكن للقطاع الخاص القيام فيها بدوره الإيجابي والمأمول، حيث تتضمن المبادرات الجديدة التي أعلنتها مؤخراً دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي: (الرخصة الفورية وتحفيز قطاع الصناعة عبر تعرفة الكهرباء، وبرنامج المحتوى المحلي، وتراخيص الأنشطة التكنولوجية)، بالإضافة إلى مبادرات سابقة، وهي: (الباقة الذهبية لرخصة تاجر أبوظبي، والرخصة المزدوجة للشركات العاملة في المناطق الحرة، وخدمة الكل في واحد للتراخيص الاقتصادية، وقرار إضافة أنشطة تجارية وخدمية للمنشآت الصناعية)، وهي مبادرات لا شك في أنها ستمثل نقلة نوعية لاقتصاد أبوظبي مستقبلاً، وتعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات عموماً، كونها تضيف روافد جديدة لتنويع الدخل من ناحية، وتسهم في جذب رؤوس الأموال الأجنبية من ناحية ثانية. وفيما يتعلق بالمردود الإيجابي لهذه المبادرات، فإنها تستهدف أولاً جعل أبوظبي واحدة من أفضل الوجهات لممارسة الأعمال والاستثمار في المنطقة والعالم، وثانياً توفير مناخ أعمال جاذب لقطاع الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوفير بيئة محفزة لازدهار وتوسع أعمال المنشآت الاقتصادية. وثالثاً تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمبتكرة، باعتبارها قاطرة التنمية المستقبلية في أبوظبي، بالنظر إلى ما تتسم به من تنوع وانتشار ومرونة وتأثير إيجابي سواء في توفير فرص عمل للمواطنين أو دور فاعل في سياسة تنويع الدخل.
إن التوجه نحو تمكين القطاع الخاص ليتحمل مسؤوليته في عملية التنمية الوطنية، من خلال هذه المبادرات، أمر يعزز الثقة باقتصاد أبوظبي، ويؤكد أن الإمارة تمضي بخطى واثقة نحو تنفيذ أهداف رؤيتها الطموحة، التي تضع ضمن أولوياتها تطوير دور القطاع الخاص، وإفساح المجال أمامه للمشاركة بفاعلية في العملية التنموية، ومنحه فرصة الاستثمار في العديد من الصناعات، والتوسع في إنشاء المناطق الصناعية المتخصصة، التي تمثل حاضنات مثالية لممارسة الأنشطة الاقتصادية. لقد نجحت إمارة أبوظبي في توفير البيئة الداعمة لدور القطاع الخاص، سواء من خلال تحديث منظومة التشريعات والقوانين كقانون الشركات وقانون المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يهدف إلى تنظيم العلاقة بين الحكومة والمؤسسات لتحسين حوافز الشركات الصغيرة والمتوسطة، أو من خلال إنشاء المؤسسات الداعمة والممولة لأنشطة القطاع الخاص، مثل: إنشاء مركز الأعمال وصندوق خليفة لتطوير المشاريع ومكتب التنافسية ومكتب تنمية الصناعة، وذلك لتحفيز القطاع الخاص، أو من خلال الاستعانة بمزودي خدمات القطاع الخاص الأكثر كفاءة لتقديم خدمات حكومية معينة.
إن الرهان على القطاع الخاص كشريك رئيسي في خطط التنمية المستقبلية لأبوظبي ودولة الإمارات بوجه عام، يؤكد سلامة النهج الاقتصادي الذي تتبناه الدولة بعد أن أثبت هذا القطاع كفاءته وفاعليته، سواء في تقديم الخدمات بمستوى متميز، أو من خلال انخراطه في العديد من القطاعات المهمة للاقتصاد الوطني، ولعل من المؤشرات الإيجابية في هذا السياق، زيادة نمو القطاع الخاص عام 2018 بنسبة 5%، وارتفاع مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي إلى 70.5%، الأمر الذي يؤكد تزايد أهميته كشريك رئيسي في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية