يُشهَد لدولة الإمارات العربية المتحدة بقدرتها على تبنِّي كل ما من شأنه تشجيع التنمية الشاملة والمستدامة، وبناء خريطة طريق نحو استقطاب المزيد من الاستثمارات، وتطوير القدرات والمهارات، وتعزيز الابتكارات التي ترتقي بقطاعاتها الحيوية، وعلى رأسها القطاع الصناعي، الذي تسعى إلى جعله في صدارة القطاعات الداعمة للنمو الاقتصادي، محلياً وعالمياً، وبما يحقق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، حيث عملت على اعتماد تشريعات وسياسات واستراتيجيات ومبادرات تجاوزت ما هو محلي إلى ما هو دولي، إيماناً منها بأن الواقع الاقتصادي بات يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود في تقوية القطاعات التي تعتمد على التقنيات التكنولوجية المتطوِّرة.
وضمن الحراك الاقتصادي العالمي، الذي تقوده دولة الإمارات، وخاصة في مجالات تقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، تأتي مشاركة وفدها الرفيع في فعاليات الدورة الثانية من «القمة العالمية للصناعة والتصنيع»، تحت شعار «تقنيات محاكاة الطبيعة»، التي افتتحها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم أمس الثلاثاء، في مدينة إيكاتيرنبيرج في روسيا، وتستمر حتى يوم الخميس 11 يوليو الجاري، تعبيراً عن نجاح المبادرة المشتركة التي قدمتها دولة الإمارات مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «اليونيدو» سابقاً، لتسليط الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع الصناعي في تحقيق الازدهار العالمي، وصياغة مستقبل القطاع الصناعي العالمي، ووضع مستقبل التنمية الصناعية العالمية في قلب هذا الحوار.
إن اهتمام دولة الإمارات بقضايا التنمية المستدامة وتطوير القطاعات الاقتصادية الحيوية، وعلى رأسها الصناعة، هو اهتمام متجذِّر في رؤيتها وطموحاتها الرامية إلى مواكبة كافة المستجدات التكنولوجية، التي تعزز هذه التطلعات، حيث يؤكد إطلاق الحكومة في عام 2017 «استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة» مواصلتها تطوير الأنظمة التقليدية لتنمية القطاعات الاقتصادية، إذ تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز مكانة الدولة بصفتها مركزاً عالمياً للثورة الصناعية الرابعة، وتحقيق اقتصاد وطني تنافسي يقوم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية، والتحول إلى نموذج عالمي رائد في المواجهة الاستباقية لتحديات المستقبل، وتطويع أدوات الثورة الصناعية الرابعة لخدمة المجتمع، وتحقيق الرفاه لأفراده.
إن النجاح الكبير، الذي حققته الدورة الأولى من «قمَّة الصناعة العالمية»، التي عُقِدت في أبوظبي في مارس 2017 بحضور أكثر من 3000 مشارك من قادة الحكومات والشركات والمجتمع المدني من أكثر من 40 دولة، ثم انعقاد الدورة الثانية منها هذه المرة في روسيا، لهما مؤشر إلى الحراك المؤثر الذي قادته دولة الإمارات في القطاع الصناعي العالمي، لاسيَّما أنها تقوم بتطوير قطاعها الصناعي استناداً إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، استعداداً لمرحلة ما بعد النفط، وهو الأمر الذي تلتقي فيه مع طموحات الدول الصناعية الكبرى إلى تطوير القطاع الصناعي عبر استخدام تقنيات محاكاة الطبيعة، إضافة إلى نجاح جهودها في المشاركة في المنصات العالمية التي تشجع على تبنِّي الابتكارات لإعادة بناء الاقتصادات العالمية، وسعيها المتواصل إلى تطوير جسور الحوار العالمي المشترك، وإيجاد توافق عالمي حول مستقبل القطاعات المتقدِّمة في الاقتصاد، التي تلهم الجيل القادم من المبتكرين والقادة لوضع خريطة طريق نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومساعي الازدهار العالمي.
لقد أدركت دولة الإمارات مبكراً ضرورة استغلال الفرص التي تتيحها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، من أجل تحقيق التقدم للمجتمعات الإنسانية، عبر النظر إلى التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة بصفتها ضرورة قصوى، والنظر إلى القطاع الصناعي بعين جديدة، تركز على التكنولوجيا، وتتبنى تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وتعمل على نشر التقنيات المتقدمة في القطاعات الصناعية الرئيسية، وتستقطب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع الصناعي، وتركز على النشاطات الصناعية الصديقة للبيئة، في عصر رقمي يحفِّز التنوع والابتكار، ويكرِّس موقع الدولة بصفتها مساهماً أساسياً في قطاع الصناعة العالمي.

 *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.