تواصل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرة التحديث والتنمية على أكثر من صعيد، مؤسِّسة بذلك لنهضة محلية وإقليمية متميزة في منطقة الخليج خصوصاً، والشرق الأوسط عموماً، وهو ما يترجم قوة الأسس التي قامت عليها الدولة، على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه. ونظراً إلى إدراك الوالد المؤسس قيمة التعليم، بصفته أحد أبرز مقوِّمات نهضة الدول والشعوب ركَّز - طيب الله ثراه - على إنشاء مدرسة إماراتية تجمع بين حاجة المجتمع الإماراتي إلى مختلف المعارف والعلوم الحديثة، وضرورة الحفاظ على الخصوصية المحلية، المتمثلة في القيم الأخلاقية وروح التلاحم والتعاضد.
وقد ظلت المدرسة الإماراتية تساير، بشكل واعٍ، كل المستجدات في مجال التربية والتعليم؛ فعملت على تطوير نفسها باستمرار، من خلال إدخال المناهج الحديثة، وتبنِّي الطرق العلمية والعصرية في التدريس، كما حرصت الدولة على توفير كل ما تحتاج إليه من تجهيزات لوجستية وأدوات تساعد على ترقيتها؛ حتى تستمر في تزويد المجتمع بمخرجاتها القادرة على مواكبة سوق العمل من جهة، والإسهام في تطوير الدولة وبنائها من جهة أخرى.
وسيراً على مسار التحديث المستمر، ها هي وزارة التربية والتعليم قد تبنَّت، اليوم، عدداً من التغييرات في مناهج المدرسة الإماراتية، والخطة الدراسية، وأدوات دعم الطلبة للعام الجاري 2018-2019؛ وذلك بهدف تحقيق المؤشرات الوطنية المتعلقة بالتعليم 2021، ورؤية دولة الإمارات 2021، بالإضافة إلى مئوية الإمارات 2071؛ فاستناداً إلى الخطة الجديدة قام قطاع المناهج والتقييم بوضع عشرة تعديلات أساسية للخطة الدراسية الحالية، تتضمَّن زيادة عدد حصص مادة اللغة العربية للصفين الأول والثاني؛ لضمان تمكُّن الطلبة منها قبل الانتقال إلى المراحل الدراسية اللاحقة، وزيادة نصاب مادة التربية البدنية والصحية، لمراعاة الخصائص النمائية للطفل في المراحل التأسيسية، وتعزيز نمط الحياة الصحية ابتداءً من سن مبكرة. كما أضافت الوزارة مادة التصميم والتكنولوجيا للصف الثالث.
وحرصاً من وزارة التربية والتعليم على جعل الطلاب يتعمَّقون في التحصيل العلمي، قررت زيادة عدد الحصص الأسبوعية لمادة الرياضيات، ابتداءً من الصف التاسع حتى الصف الثاني عشر. فيما توسعت في تدريس اللغات الأجنبية؛ وذلك بإضافة اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة الصينية التي تم طرحها العام الماضي، كما سيكون لطالب النخبة في الصفين الحادي عشر والثاني عشر حق الاختيار بين الأحياء والإحصاء، بما يتوافق مع ميوله التخصصية في التعليم العالي.
ولعل أبرز ما تم تضمينه للمرة الأولى، في الخطة الجديدة للعام الدراسي الحالي هو مادة الدراما، التي سيتم تدريسها ابتداءً من الصف الأول إلى الثاني عشر، ضمن حصة الفنون البصرية ومنهج المسرح. أما الهدف من تدريس هذه المادة؛ فهو تعزيز المهارات اللغوية في منهج اللغة العربية، واستيعاب النص العلمي والأدبي والمعلوماتي في تجربة مسرحية غنية. هذا، بالإضافة إلى الكثير من المبادرات التي تم إدراجها في المنهاج الجديد، فضلاً عن تبنِّي سياسات تعليمية أخرى، تراعي خصوصية كل طالب وقدرته على التحصيل.
إن كل الجهود التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم تندرج في إطار استراتيجية شاملة للدولة، هدفها الأساسي مواكبة كل المستجدات في هذا الإطار؛ بحيث يظل الطالب الإماراتي على ارتباط مباشر بمستوى التقدم العلمي والتكنولوجي الحاصل في العالم المتقدم، فضلاً عن جعله واعياً بمختلف الأحداث الثقافية والاجتماعية التي تمسه من قريب أو بعيد. وبناءً على الأهمية الكبيرة التي توليها دولة الإمارات للعملية التربوية والتعليمية بشكل عام، ستستمر في المحافظة على مستوى تقدمها الحضاري والعلمي، كما ستنجح في بلوغ أهدافها المرسومة على المدَيين المتوسط والبعيد؛ ذلك أنه بالتعليم، ومن خلال التعليم، نبلغ أصعب الأهداف وأكثرها عظمة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية