قرأت قبل أيام تحقيق صحفي حول تنظيم وزارة الموارد البشرية والتوطين لليوم المفتوح للتوظيف ضمن استراتيجية الوزارة في مجال التوطين، والذي ينظر إليه ضمن أولويات الحكومة. ويلاحظ المراقب لتطورات التوطين أنه موضوع دائم الحضور في وسائل الإعلام والتي تقوم بمناقشته واستعراض التحديات التي تواجهه وجهود وزارة الموارد البشرية والتوطين في هذا المجال، والتي دائماً ما تعمد إلى الاستفادة من الدروس السابقة ومواكبة المتغيرات في سوق العمل وتوفير كافة السبل من أجل تسهيل دخول المواطنين الباحثين عن عمل إلى القطاع الخاص.
وقد أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين عن نجاح اليوم المفتوح للتوظيف، وارتفاع نسبة رضا الشباب المواطنين الباحثين عن عمل، لاسيما بعد رصد حصول عدد منهم على وظيفة خلال ساعتين أو ثلاث ساعات. وأكدت الوزارة مشاركة 1200 مواطن ومواطنة ضمن فعاليات اليوم المفتوح، وقد استهدفت الوزارة توظيف 815 مواطناً ومواطنة في قطاعات اقتصادية حيوية، ولكن لم تعلن الوزارة عن الرقم الحقيقي للمواطنين الذين تم توظيفهم بالفعل. وبالرغم من نجاح الوزارة في تنظيم ذلك اللقاء المفتوح بين المواطنين الباحثين عن عمل وممثلي شركات القطاع الخاص إلا أنه من الملاحظ بروز بعض المعوقات سواء التي حدثت أثناء فعاليات اليوم المفتوح، أو تلك التي ما زالت تتكرر منذ العديد من السنوات ولم نرصد الحلول المناسبة لها.
فالأمر الذي لا ريب فيه هو الاهتمام البالغ من الحكومة بمحور التوطين والتوجه الاستراتيجي الراسخ في توفير كافة التسهيلات لتوظيف المواطنين في الوظائف المناسبة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص. كما تشجع الحكومة القطاع الخاص للتعاون والتنسيق مع وزارة الموارد البشرية والتوطين لتسهيل دخول المواطنين لسوق العمل، ولكن ما زالت هناك العديد من التحديات التي نأمل قيام الوزارة المعنية بمعالجتها ووضع الحلول اللازمة للحد منها.
وأول تلك التحديات القصور في نشر الأرقام والإحصائيات الرسمية الخاصة بأعداد المواطنين خريجي وزارة التربية والتعليم والعاطلين عن العمل ونسبة العاملين فعلياً مقابل الجنسيات الأخرى. فقبل ثلاث سنوات كانت الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن هناك أكثر من 15,000 مواطن حديثي التخرج يدخلون إلى سوق العمل كل عام ولكن خلال الفترة الماضية هناك قصور في نشر التقارير الإحصائية الرسمية التي تساعد في عملية رصد وتحليل وتقييم مسار التوطين في الدولة بأسلوب علمي، وبالتالي وضح الخطط المستقبلية التي تضمن نجاحه.
التحدي الثاني، والذي برز أثناء «اليوم المفتوح للتوظيف» هو ترشيح مواطنين خريجين لمقابلات مع أصحاب العمل لوظائف ليس لها علاقة بتخصصاتهم الجامعية على الرغم من توفر كافة معلومات المواطنين لدى قاعدة المعلومات الخاصة بوزارة الموارد البشرية والتوطين.
التحدي الثالث هو غياب الإحصائيات الرسمية التي تعرض لواقع المواطنين في الوظائف التي تم توظيفهم فيها من خلال وزارة الموارد البشرية والتوطين وماهية الإنجازات التي حققوها في القطاع الخاص بجانب المعوقات التي تواجههم علماً بأن الإعلان عن تلك التقارير يٌمثل دافعاً قوياً لبقية المواطنين الباحثين عن عمل لدخول سوق عمل القطاع الخاص. التحدي الرابع هو تنسيق سياسات مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة نحو برامج إعداد وتأهيل المواطنين أثناء الدراسة الجامعية وإكسابهم المهارات المطلوبة لسوق العمل وبذلك ننجح في تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل الخاص. والتحدي الخامس هو ترسيخ ثقافة العمل في كافة وظائف القطاع الخاص بين المواطنين وليس البحث عن وظائف محددة.
وفي الوقت الذي تبرز فيه عدة تحديات أخرى، تظل تلك التحديات الخمسة تمثل أكبر معوقات مسيرة التوطين في الدولة، الأمر الذي يستوجب ضرورة مواجهتها والتخفيف من نتائجها السلبية لكي نضمن بلوغ الأهداف الموضوعة لسياسة التوطين.
*باحث إماراتي