كتبت هنا منذ ما يزيد على العام بقليل حول مجموعة إقليمية «ذات أنياب»، وذلك بينما كانت كلٌ من نيجيريا والسنغال تقومان بشكل من أشكال التدخل العسكري في غامبيا، لحل أزمة الحكم فيها بالقوة، كما سبق لعدد من دول غرب أفريقيا أن تعاونت في إطارة قوات «أوموجو» المشتركة منذ حوالي عقد من الزمن لحل صراعات دموية في ليبيريا وسيراليون وغينيا.. ولاقى ذلك تأييداً بين رأي عام واسع في عدد من الدول.
ومؤخراً اجتمع في أبوجا بنيجيريا رؤساء 15 دولة أفريقية تنتمي لتجمعي «إيكواس» و«سيفا»، ليعلنوا عام 2020 كموعد لبدء العمل بعملة موحدة باسم «إيكو» ‏ECO، ?تضم ?بدرجات ?مختلفة ?تجمعات ?أصغر.. ?متجاوزين بذلك ?مشكلات ?ظلت تعيق تطبيق هذا القرار ?منذ ?اجتماع «?واجادوجو» (?بوركينا ?فاسو ?2016). ?
وتصدى ?الاتحاد ?الأفريقي ?للتجمعات الإقليمية الفرعية ?الصغيرة في القارة، ?محدداً ?إياها بثماني تجمعات ?فحسب، ?بدلا من ?16 ?تجمعاً في السابق.
وكان ثمة مشكلة أخرى هي مواجهة التغلغل الإسرائيلي في القارة، والذي بلغ حد توجيه دعوة لنتنياهو لحضور الاجتماع الخامس عشر في «مونروفيا»، فاحتج المغرب على هذه الدعوة وقاطع المؤتمر، وهو البلد الذي يشكل قوة اقتصادية وازنة في كل من غرب القارة وشمالها.
ليس علينا إلا أن نخطو خطوة استراتيجية مثل توحيد العملة في منطقة واسعة من القارة، وهو أمل ملايين الأفارقة منذ ستينيات القرن الماضي، ثم منذ اجتمع رئيسا نيجيريا والتوجو عام 1972 لدراسة خطط العمل على التقاء عملتي الانجلوفون والفرنكفون.
وها هي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) تنتقل من مرحلة سياسية حاولت خلالها نيجيريا استعراض ثقلها إلى مرحلة اقتصادية تمارس فيها «القوة الناعمة» كبديل قد يكون أكثر فعالية.
وثمة مسألة استراتيجية تتفاعل أيضاً بصعوبة في هذه التطورات، هي ما أشار إليه عدة باحثين عقب الإعلان عن توحيد العملة، وتتضح تلك المسألة من خلال السؤالين: هل يقوم اتحاد العملة على سياسات تكامل اقتصادي حقيقي بين دول القارة أو تجمعاتها الفرعية؟ وهل تسهل الارتباطات التجارية والمالية الخارجية، خاصة مع أميركا والصين والهند، العلاقات بين الدول الأفريقية؟
وثمة شراكة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي منذ فبراير 2014، خاصة أن 37% من صادرات المجموعة الأفريقية تتجه إلى أوروبا. ولعله لذلك السبب نلاحظ استعداداً كبيراً للإسراع بتوحيد العملة لدى بعض الأطراف الأفريقية (مثل نيجيريا وليبيريا وغانا)، مع الفوارق الكبيرة من اقتصاداتها، وبين البعض الآخر.
ومهما يكن من أمر فإننا نأمل في ازدياد نمو حركة الوحدة الاقتصادية الأفريقية (اندماجاً اقتصادياً وتوحيداً جمركياً ونقدياً)، إلا أن أحد أوجه الضعف يبقى تأخر الحوار بين جهات القارة، والتي تشكو من الابتعاد حيال بعضها البعض.
ولعل اعتبار الاقتراب الثقافي في منطقة غرب أفريقيا يعوض ضعف تجمعات إقليمية أفريقية أخرى. وهنا يجدر بالتجمعات الإقليمية العربية الفرعية دراسة التجربة الأفريقية للاستفادة منها لتجاوز حالة الجمود القائمة.
*مدير مركز البحوث العربية والأفريقية -القاهرة