لم ينزع القرار الاستثنائي للرئيس ترامب، قبل أسبوعين، بشنّ ضربة عسكرية ضد إيران، ثم إلغائه فتيل موقف شديد التأزم بقدر ما أوقفه مؤقتاً، بينما غلف النوايا الأميركية بطبقة أخرى من الغموض!
غير أن إيقافه مؤقتاً قد يكون أفضل من مواصلة تصعيده. وبقراره الامتناع مؤقتاً عن الرد الحازم على إسقاط إيران لطائرة استطلاع أميركية من طراز «جلوبال هوك»، أتاح ترامب، سواء أكان قاصداً أم لا، أمام إيران فرصة الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ويعتقد «روب مالي»، رئيس مجموعة الأزمات الدولية والمستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارة أوباما، أن الإيرانيين لن يبدوا مضطرين إلى المساومة تحت وطأة القنابل الأميركية. وغرّد «مالي» على موقع «توتير» للتواصل الاجتماعي، قائلاً: «ربما أن قراره، حتى الآن، بعدم شن ضربة عسكرية ضد إيران يفتح نافذة صغيرة أمام الدبلوماسية».
ترامب انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، لأنه اتفاق سيء لا يمنع طهران من امتلاك سلاح نووي بشكل دائم، ولا يعالج قضايا أخرى مثل دعم إيران للميلشيات المسلحة في سوريا واليمن وغيرها. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ هل هو من خلال اتفاق نووي جديد أم زعزعة الحكومة الإيرانية الحالية؟ أم تغيير كامل للنظام؟ وتبدو إجابة الإدارة على هذه الأسئلة هي فرض عقوبات اقتصادية قوية وصارمة، ورؤية ما ستؤول الأوضاع. وبصورة عامة، تبدو الاستراتيجية الأميركية بشأن إيران في الوقت الراهن مثل قطارين في مسارين مختلفين، ويتقدم كل منهما بالسرعة القصوى في اتجاهين متقابلين!
وبإلغاء الضربة العسكرية، مثلما أشارت التقارير، بعد تحليق الطائرات وتموضع السفن، بدا أن ترامب متلهف إلى الظهور بمظهر الرئيس المنضبط، والراغب في الرد بصورة متناسبة مع الاستفزازات الإيرانية. ويتسق ذلك مع وعده عندما كان مرشحاً للرئاسة: «أميركا أولاً»، وذلك بالإبقاء على أميركا خارج حروب لا متناهية في الشرق الأوسط.
وتقول «باربرا سالفين»، مديرة مبادرة «مستقبل إيران» لدى «مجلس الأطلسي»: «لا نزال في وضع شديد الصعوبة من الممكن أن يشهد تصعيداً بسرعة كبيرة»، موضحةً: «أن المتعصبين الإيرانيين قد يرغبون في مواجهة لأغراضهم الخاصة».
وفي إيران، قد يرغب بعض القادة في اندلاع صراع، كوسيلة لحشد السكان الذين يتحملون وطأة العقوبات الاقتصادية الأميركية.
*محلل سياسي أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»