عادت قضية التعدين غير القانوني في جمهورية الكونجو الديمقراطية من جديد إلى دائرة الأضواء حين لقي 43 شخصاً حتفهم على الأقل الأسبوع الماضي في انهيار أرضي بعد اقتحام منطقة من منجم كاموتو العملاق الذي تمتلكه وحدة كاتانجا للتعدين المحدودة التابعة لشركة جلينكور متعددة الجنسيات. وأرسلت الكونجو في الأونة الأخيرة قوات لإجلاء آلاف من العمال البدائيين من منجم «تنكي فانجورومي» التابع لشركة «تشاينا موليبدنوم» الصينية. وأعلن قائد من الجيش في الأيام القليلة الماضية أن الرئيس أصدر أمراً بالقيام بعمل مشابه في منجم كاموتو.
ويرى المنتجون أن العمال البدائيين الذين ينقبون داخل مناطق امتيازات الشركات الأجنبية يعرضون أنفسهم والعاملين في الإنتاج للخطر، بينما يزعم العمال البدائيون المحليون وأسرهم أنهم قاموا بأعمال استخراج المعادن منذ سنوات ويجب أن يكون لهم حق إمكانية الدخول لأجزاء على الأقل من القطاعات الواسعة التي تسيطر عليها شركات دولية.
وإليكم هنا خمسة أرقام أساسية توضح نطاق الصراع في إقليم «كاتانجا» الغني بالنحاس والكوبلت بين الشركات الأجنبية الكبيرة التي تقوم بالتعدين في مناجم كبيرة في جانب وبين المحليين الذي يستخرجون المعادن باستخدام الأدوات البدائية في جانب آخر.
أولا: هناك ما يقدر بنحو 200 ألف شخص يمارسون التعدين بالوسائل البدائية في إقليم كاتانجا. وعمليات التنقيب وتجارة المعادن- رغم أنها مضنية وخطيرة- تمثل أكثر الوسائل جاذبية للحصول على مصدر للرزق في واحدة من أفقر دول العالم. وبالطبع، ليس كل شخص يحمل معولا هو عامل تعدين غير مشروع، فهناك كثيرون يعملون في شركات تعاونية مرخصة وفي مواقع مرخصة. ورغم عدم توافر الأرقام الدقيقة، لكن يعتقد أن عدد العمال البدائيين في كاتانجا أكبر بكثير ممن يعملون في المواقع التي تستخدم فيها الآلات.
ثانيا: يوميا، هناك 2000 شخص يقومون بالتنقيب في موقع امتياز منجم كاماتو الذي تسيطر عليه شركة جلينكور. صحيح أن هناك مناطق معينة لعمال المناجم البدائيين، لكن جاذبية المخزونات الكبيرة في مناطق الامتياز التي حصل عليها الأجانب تجذب آلاف المنقبين البدائيين والذين أحيانا يكونوا عنيفين إلى المناطق الشاسعة المرخصة. والمنقبون البدائيون يقولون أيضا أنه يجري منعهم من الانتقال إلى المواقع المرخصة لأن بعض الشركات التعاونية المحلية تسيطر عليها أسر سياسيين محليين وليس شركات التعدين نفسها.
ثالثا: منجم تنكي فانجورومي يغطي 1600 كليومتر. ومناطق الامتيازات الواسعة من شبه المستحيل تأمينها كما أنها أكبر من أن يجري التنقيب فيها في وقت واحد. ومنجم «تنكي فانجورومي» كبير بشكل خاص. وهذا دفع بعض المحليين إلى الجدل بأنه يجب على الشركات الدولية أن تسمح لعمال المناجم البدائيين بدخول مناطق لا يجري العمل فيها. وعدد كبير من الأشخاص الذين تم طردهم لا يعتبرون أنفسهم عمال مناجم «غير مشروعين». فكما يقول «إيمانويل أومبولا» مدير جماعة «افريووتش» المحلية لحقوق الإنسان أن هؤلاء العمال يرون أنهم باعتبارهم «من مواطني الكونجو لهم الحق في التنقيب».
رابعاً: بلغت نسبة الكونجو من الإنتاج العالمي من الكوبالت العام الماضي 72%. والكونجو غنية بمعدن الكوبالت وهو مكون أساسي في إنتاج البطاريات القابلة لإعادة الشحن في الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية. والكونجو أيضا خامس أكبر منتج للنحاس في العالم ومصدر مهم للتانتاليوم. وما يقدر بنحو 20% من كوبالت البلاد اُنتج بالطريقة البدائية عام 2018، وفقا لبيانات شركة «دارتون كوميدتيز».
خامساً: الحكومة المحلية اقترحت 10 حلول للعلاج. وتسعى ولاية لوالابا وهي الأغنى في مخزونها من المعادن في إقليم كاتانجا لإضفاء طابع رسمي على قطاع العمال البدائيين. ويتولى الحاكم «ريتشارد مويوي» قيادة مشروع على أطراف بلدة كولويزي، العاصمة الإقليمية التي حصلت فيها وحدة من شركة «جيجيانج هوايو كوبالت» على حق احتكار الشراء في مقابل دفع مقابل لإعادة توطين مئات الأشخاص وإحاطة منطقة الامتياز بسياج لجعل التعدين أكثر أمانا لشركتين تعاونيتين تعملان هناك.
وخصصت شركة «تشيماف سارل» مشروعاً تديره يطلق عليه «موتوشي» لشركة تعاونية محلية تبيع كل خامها من الكوبالت للشركة. وشركة تشيماف تشارك في مشروعها مع شركة ترافيجورا التي تبيع المعادن بعد تنقيتها. لكن الموقع المخصص للشركة التعاونية قد يستنفد ما به من معادن في نهاية هذا العام ومن غير الواضح إذا ما كان المشروع سيجري تمديده أو تكرار التجربة.
* صحفي مقيم في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونجو الديمقراطية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»