قبل بضعة أيام، وأثناء مشاهدتي لمباراة كرة القدم في كأس العالم للسيدات، تناولت أول شطيرة من البرجر «المقلد». واستمتعت بالمباراة، واستمتعت بالقدر نفسه بالبرجر المصنوع من النباتات. ولا غرابة في أن يحصل هذا النوع من البرجر، الذي يبدو مثل اللحم في الشكل والطعم والرائحة، على استحسان ملايين المستهلكين المتشككين، ويكتسح وول ستريت، ويدفع شركات الإنتاج الزراعي الكبيرة إلى الهرولة في طريق نشاط اقتصادي مربح. لكن هل يحتاج العالم إلى «برجر مقلد» تتم صناعته من خلال طحن الحمص، لتنتج منه أقراصاً شبيهة باللحم، بدلاً من تقطيع الدجاج لصناعة شرائح منه؟ الإجابة هي نعم، العالم يحتاج إلى هذا، وبشدة.
ففي وقت يمثل فيه الإنتاج الزراعي القائم على الحيوانات أكبر مساهم في تدمير الكوكب، أصبح التخلي عن اللحم مقابل بدائل مقلدة أو غير ذلك، أداة فاعلة للغاية يستطيع الفرد من خلالها التصدي لتغير المناخ، وفقاً لدراسة لصحيفة «ساينس». وأنا أقول هذا رغم كوني إنساناً يأكل اللحوم والنباتات على السواء. فأنا أحب كثيراً اللحوم بأنواعها مثل كثيرين من الناس. والنباتيون يمثلون ما يصل إلى 8% فقط من السكان وهي نسبة ثابتة. وإنتاج شركات الإنتاج الزراعي للحم يشبه استخراج الفحم في إضراره بالبيئة. فإنتاج شطيرة واحدة من البرجر البقري يحتاج إلى 660 جالوناً من المياه، بما يعادل استخدام أسرة متوسطة للمياه لأسبوع كامل في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، خطر الأنظمة الغذائية غير الصحية على الموت المبكر أكبر من ممارسة الجنس غير الآمن، وتناول الكحوليات وتعاطي المخدرات، واستهلاك التبغ مجتمعة، بحسب ما ذكرته صحيفة «لانست» الطبية، في الآونة الأخيرة.
ولكن موضع الحذر هنا، أننا لا نعلم شيئاً بعد عن «الخلطة السرية»، التي يصنع منها البرجر المقلد لتجعله طيب المذاق. وتستخدم شركتا «بياند ميت» و«امبوسوبول فودز»- وهما شركتا إنتاج بدائل اللحوم- 20 مكوناً مختلفاً في إنتاج البرجر. فهذه البدائل من منتجات المعامل، وليست مجرد نباتات جاءت للتو من الحقل. كما أن حلول الغذاء البديل لم تحقق دوماً أفضل نتائج. فهل تتذكرون طرح السمن النباتي باعتباره بديلاً صحياً عن الزبد الحيواني؟ وهذا يعني أن هناك أوقات شديدة الخطورة لكل الكائنات الحية.
وربما لم يلحظ القارئ موت شجرة الصداقة، التي أرسلتها فرنسا للرئيس دونالد ترامب قبل آوانها. والأمر يبدو كما لو أن شتلة البلوط، التي أرسلتها فرنسا تصرفت بالنيابة عن كل الكائنات المعرضة للانقراض، بسبب المخاطر البيولوجية لرئاسة ترامب. فقد ماتت الشجرة لتنقل رسالة. وموت الشجرة أعلن بعد فترة قصيرة من إعلان مجموعة من العلماء أمراً أكثر أهمية بكثير، وهو الاعتراف بعصر جيولوجي جديد، وهو عصر «انثروبوسين» (عصر تأثير الإنسان على التكوين الجيولوجي للأرض). فبعد العصر الجليدي في نهاية عصر «بليستوسين» وعصر هولوسين، فإن عصر الإنسان هو نهاية الإنسان فيما يبدو، وربما بعد فترة قصيرة للغاية.
وعصر «انثروبوسين» فكرة قديمة، تعود إلى ظهور أول قنبلة ذرية، وحصلت على تأكيد علمي جديد في ربيع هذا العام. فبعد أكثر من 500 مليون سنة من ظهور الحياة على الأرض أصبح للإنسان تأثير كبير على هذه الحياة، لدرجة أصبحنا فيها «قوة جيولوجية» مهيمنة. وهذا التصنيف لم يأت من الأصوات القلقة، التي تسعى عادةً إلى جذب انتباه وسائل الإعلام أو النخبة السياسية، بل جاء من هيئة كبيرة داخل الاتحاد الدولي لعلماء الجولوجيا. وهؤلاء الأشخاص يروقهم القول: إن الصخور لا تموت وقراءة درجات الحياة لا تموت أيضاً. فقد بلغت درجات الحرارة في نيودلهي 118 درجة فارنهايت، الشهر الجاري، وبلغت 100 درجة في سان فرانسيسكو في أعلى درجة حرارة، سجلها شهر يونيو في المدينة. وحرائق الغابات أصبحت ملمحاً ثابتاً في الربيع في الدائرة القطبية، ودرجات الحرارة في جرينلاند ارتفعت 40 درجة فارنهايت، فوق المتوسط، العام الجاري.
ولا شيء من هذا سيشعر الرئيس الأميركي بالتوتر. فالرئيس يعتقد أن دوارات الرياح المولدة للطاقة تسبب السرطان، وهو يحب الفحم الملوث للبيئة. وتدميره للسياسات التي وضعت في عصر أوباما سيؤدي إلى مئات الوفيات المبكرة للأميركيين كل عام، وفقاً لتحليل صدر في وقت مبكر من إدارته. لكن هناك الطعام البديل الذي لن يساعد في العمل الأخير، الذي لا مفر منه من عصر الإنسان، مثلما تفعل المصادر التي يحل محلها هذا الطعام. والطلب المتصاعد على الطعام البديل وصعود شركة «بياند ميت» في «وول ستريت» في الأيام القليلة الماضية، يوحي بأن السوق الحرة تقف إلى جانب البيئة هذه المرة.
https://www.nytimes.com/2019/06/21/opinion/fake-meat-climate-change.html
تيموثي إيجان*
*كاتب أميركي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»