تسير دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى سريعة ومميزة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز استخدامات التقنيات التكنولوجية المتقدمة، وفق طرق وآليات تشريعية ومؤسسية، تجسدت بإطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، في أكتوبر عام 2017، من خلال بناء فريق عمل الذكاء الاصطناعي، وتشكيل مجلس الذكاء الاصطناعي، وإنشاء فرق عمل للابتكار في الجهات الحكومية من الرؤساء التنفيذيين، ثم إطلاق كليات التقنية العليا «أكاديميةَ الذكاء الاصطناعي» في أبريل من العام الجاري، والتي تعد الأولى من نوعها في الدولة، سعياً لتوفير برامج تعليمية وتدريبية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتطوير معارف وخبرات الكوادر الوطنية وتعزيز قدراتها في هذا المجال، حتى يتم التعامل مع المتغيرات الوظيفية المستقبلية في ظل الثورة الصناعية الرابعة.
ويأتي استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، يوم الأحد الماضي، وفد المدرسة الإماراتية الفائزة بالمركز الثاني عالمياً، في البطولة العالمية للذكاء الاصطناعي والروبوت «فيكس»، ليؤكد المستوى المتقدم الذي تمكنت مؤسسات الدولة من تحقيقه في مجالات الذكاء الاصطناعي، وخاصة المؤسسات التعليمية والتربوية، حيث هنَّأ سموه الوفد على هذا الإنجاز العلمي النوعي الذي يتعلق بأحد أبرز المجالات التي تسعى الدولة إلى تحقيقها من خلال استراتيجياتها وبرامجها المستقبلية، الرامية إلى تحقيق الأهداف التنموية في كافة القطاعات الحيوية، مؤكداً سموه حرص الدولة على تمكين الأجيال من أدوات الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإيلاء تعزيز بيئة الابتكار والسعي للتحول إلى مدن ذكية تحقق التنمية المستدامة، الاهتمامَ البالغ.
ويعبّر تشديد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، على أهمية توفير البيئة المناسبة للطلبة للتعلم ومواصلة العمل والتدريب وخوض تحديات المسابقات والارتقاء بمهاراتهم وإمكاناتهم إلى مستويات متقدمة في هذه العلوم، عن مدى حرص القيادة الرشيدة على الاستثمار في الإنسان في مجالات الذكاء الاصطناعي بالقطاعات الحيوية كافة، وأهمها التعليم، وبما يخلق بيئة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، عبر إعداد قاعدة بشرية متميزة في مجال البحث والتطوير، واستثمار أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في شتى ميادين العمل بكفاءة، واستثمار الطاقات والموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة على النحو الأمثل، عبر تفعيل مجموعة من البرامج والمبادرات وورش العمل الخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وقد جاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، استراتيجيةَ الإمارات للذكاء الاصطناعي في عام 2017، بمثابة مرحلة جديدة من مراحل تطور الدولة التي تعزز ريادتها العالمية، انسجاماً مع أهداف «مئوية الإمارات 2071» في جعل دولة الإمارات الأفضل عالمياً في شتى المجالات، من خلال تحديث كافة مسارات العمل والإنتاج، استناداً إلى تكثيف استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التطوير الذي ينعكس على حياة الناس ويحقق لهم الرفاه والسعادة والاستقرار، وبما يحقق الرؤية الطموحة في الانتقال إلى مرحلة جديدة من النمو والتطور والريادة اللازمة لصناعة مستقبل مشرق قائم على الاستدامة والابتكار، التي توفر المزيد من الفرص لتنمية اقتصادنا الوطني.
إن الرؤية البعيدة المدى في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، وتحديداً تلك التي تخدم الإنسان وتحسّن مستويات حياته المعيشية، تعدّ رؤية استثنائية ومتكاملة على مستوى المنطقة والعالم، حيث تسعى من خلالها إلى تنظيم أدوات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بحيث تكون جزءاً من حياة الناس، وتحقيق تطور نوعي في الأداء العام، عبر بناء منظومة رقمية ذكية كاملة، تقدم حلولاً عملية وسريعة، تتسم بالجودة والكفاءة، والقدرة على التنبؤ في تطوير آليات توفر الوقت والجهد والمال في القطاعات الرئيسية اللازمة لتحقيق الأهداف التنموية.

 *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.