لم تمرّ زلة المرشح «الديمقراطي» «جو بايدن»، نائب الرئيس الأميركي السابق، بتفاخره بأنه تعاون «مدّاً للجسور» مع أعضاء «جمهوريين» في مجلس الشيوخ في سبعينيات القرن الماضي، مرور الكرام مثل زلته السابقة قبل أسبوعين بشأن تأييده لتعديل «هايد» الخاص بالإجهاض.
وتشير تقارير «واشنطن بوست» إلى استمرار الخلافات بين فريق «بايدن»، وتذكرنا أيضاً بمراسلاته الودودة مع السيناتور «الديمقراطي» جيمس إيستلاند قبل 42 عاماً مضت، بشأن معارضتهما المشتركة لمحاولة الدمج العنصري للطلاب من خلال نقل التلاميذ السود إلى مدارس أخرى.
وقد طال الاهتمام بقصة «بايدن» لأنها تمس قضايا محورية بالنسبة لكثير من الناخبين «الديمقراطيين»، لاسيما العرقية والاختيار بين محاولة التعاون مع «الجمهوريين» المتعنتين أو تجاوزهم. وتنطوي المسألة أيضاً على مخاوف محددة بشأن «بايدن»، فهل هو متشبث بالماضي وعنيد بدرجة تجعله لا يقبل النصح؟
وهنا لابد لنا أن نُفرّق بين ماضي «بايدن» وحاضره. فسجله الحافل منذ أكثر من 40 سنة من المستبعد أن يستخدم ضدّه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، شريطة أن يُظهر أنه قد تغير وأنه لن يصر على مواقفه السابقة في الوقت الراهن. ولن يلجأ خصومه لاستخدام ماضيه ضده وإنما حاضره.
وسيظهر التحدي ذاته، بشأن التصالح مع سجله الحافل في كل شيء، من وضعه لقانون الجريمة في عام 1994 إلى موقفه من جلسات استماع «أنيتا هيل» بشأن اتهاماتها لزميل لها بالتحرش. وإذا لم يتمكن من القول والتصديق بأنّ ما كان ملائماً في 1977 لم يعد ملائماً في 2019 وأن التشريعات التي بدت جاذبة سياسياً في 1994 لم تعد كذلك في الوقت الراهن، فلا ريب في أنه يوشك على دخول عالم من المشكلات. فالناس يدركون أن العالم يتغير وأنهم ينضجون، ولن يقبلوا من شخص ما في 2019 قوله إنه سيتصرف مثلما كان يفعل قبل عقود مضت.
وتعامل «بايدن» في 2019 مع سلوكياته قبل عقود مضت يثير أسئلة بشأن إمكانية انتخاب المرشح المتصدر بين «الديمقراطيين» (فماذا لو تصرف بالطريقة ذاتها في الانتخابات العامة؟). ويعزز ذلك مزاعم مرشحين آخرين بأنه قد آن الأوان لإتاحة المجال أمام جيل جديد من المرشحين أكثر انسجاماً مع وسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين، وأكثر ملاءمة لقيادة حزب متنوع.
*كاتبة أميركية
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»