يشهد مجلس الأمن القومي الأميركي تغيرات في طاقم المسؤولين هذا الصيف، في الوقت الذي يصعّد فيه مستشار الأمن القومي جون بولتون بعض كبار المسؤولين الذين أتى بهم ويودع بعض الأشخاص الذين جاء بهم سلفه. وقد صرّح مسؤولان من إدارة ترامب أن «فيونا هيل» المسؤولة في مجلس الأمن القومي عن ملف روسيا، ستعود إلى معهد بروكينجز، وسيحل محلها تيم موريسون الذي يعمل حالياً مدير مكتب أسلحة الدمار الشامل وقضايا عدم الانتشار النووي في مجلس الأمن القومي. وسيتولى منصب مدير مكتب أسلحة الدمار الشامل أنطوني روجيرو الذي انضم إلى مجلس الأمن القومي العام الماضي ليعمل على ملف آسيا.
وسيترك الأدميرال دوج فيرز، مستشار الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، البيتَ الأبيض قريباً ويعود إلى حرس السواحل. وسيحل محله الأدميرال بيتر براون الذي يقود حالياً حرس السواحل في ميامي. ووظيفة مستشار الأمن الداخلي كان يشغلها توم بوسيرت من قبل، لكن بولتون ضمّها إلى مجلس الأمن القومي حين جاء إلى رئاسته.
وكريل سارتور، مدير شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي، سيغادر البيت الأبيض أيضاً ويعود إلى عمله السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وستنتقل إليزابيث إيرين والش، المديرة الحالية للمنظمات والتحالفات الدولية في مجلس الأمن القومي، إلى قيادة فريق أفريقيا في المجلس. وعملت والش أثناء الانتقال الرئاسي مسؤولةً عن تعيين الأفراد في وزارة الخارجية، حيث عملت عن كثب مع ميرا ريكاردل النائبة السابقة لبولتون. ولاحقاً خرجت ريكاردل على يد السكرتيرة الصحفية لميلانيا ترامب زوجة الرئيس الأميركي. وسيتولى جيسون تشاو منصب مدير المنظمات والتحالفات الدولية في مجلس الأمن القومي.
وغيّر بولتون ببطء، لكن بخطى واثقة، هيكل فريق مجلس الأمن القومي وأحكم بناءه منذ أن اضطلع بمهام المنصب. وأخرج كبار المسؤولين بالتدريج ويريد حالياً أن يحل فريقه محل الفريق السابق لتحقيق استقرار في الفترة السابقة على انتخابات 2020، بحسب قول مسؤولين. وصرح أحد مسؤولي الإدارة، اشترط عدم نشر اسمه، بأن «هذا جزء من مسعى بولتون لإدخال رجاله وتصعيدهم. فبولتون يضع رجاله في أماكن يمكنه من خلالهم تنفيذ قائمة أولويات الرئيس».
واختار بولتون تشارلز كوبرمان ليكون نائبه الوحيد في يناير الماضي. ورفض تعيين كبير موظفين في مجلس الأمن القومي بعد أن ترك فريد فليتز المنصب في أكتوبر الماضي ليتولى الإشراف على مركز سياسة الأمن، وهو مركز بحثي محافظ. واشتهر بولتون بعقد اجتماعات «الجماعات الصغيرة في مجلس الأمن القومي» يختار فيها المسؤولين للانضمام إلى اجتماعات في قضايا بعينها، مفضلاً هذا على دعوة كل من قد يريد المشاركة.
وأشرفت هيل على كل العمل المتعلق بروسيا وأوروبا لأكثر من عامين في مجلس الأمن القومي. وتركت المنصب في أجواء طيبة بحسب قول مسؤولين، بعد أن ظلت في منصبها فترة أطول من معظم الذين عينهم ترامب. وذكر مسؤولون أنها أدارت دفة العمل بمهارة، وعملت مع رئيس أثار تعامله مع روسيا وبوتين جدلا لا ينتهي.
وكان مايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق هو من اختار هيل، لكنها عملت أغلب الوقت تحت قيادة اللفتنانت جنرال إتش. آر. مكماستر وبولتون. وذكر مسؤولون أن بولتون يحترم هيل ويقدرها. واشتهرت هيل بأنها خبيرة بشأن بوتين ومحللة واضحة الرؤية بشأن روسيا. لكنها تعرضت للانتقاد من قاعدة ترامب، ومن حلفاء مقربين للرئيس مثل روجر ستون الذي وصفها ذات يوم بأنها خلية نائمة لجورج سوروس لأنها خدمت في الهيئة الاستشارية لـ«معهد المجتمع المفتوح» الذي يموله سوروس.
وموريسون الذي سيحل محل هيل هو معاون لفترة طويلة في الكونجرس، وقد اشتهر بأنه أحد المقربين من بولتون وبأنه «متشدد نووياً». وسيضطلع موريسون بدور أكبر في القضايا الروسية الأميركية، بما في ذلك المفاوضات، لتقديم بدائل لمعاهدتي القوى النووية متوسطة المدى ونيو ستارت. وكتب سبنسر آكرمان في صحيفة «ديلي بيست» في الآونة الأخيرة يقول: «حصل جون بولتون بهدوء على جون بولتون ذاته تحت اسم تيم موريسون. واسم موريسون، وسط المتحكمين في الأسلحة، يعادل اسم كايزر سوز»، في إشارة لشخصية سينمائية غامضة تحرك الأحداث دون ظهور، أو ربما تكون إحدى الشخصيات البعيدة عن الشبهات في فيلم شهير لعام 1995 بعنوان «المشتبه بهم المعتادون».
*محلل سياسي مختص بالسياسة الخارجية والأمن القومي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»