إذا طلبت من أي شخص في المشهد السياسي الأميركي أن يصف لك سياسة السيناتور «توم كوتون» الخارجية، فإن أول كلمة ستسمعها هي «صقورية» على الأرجح. غير أنه رغم هذه السمعة المستحقة، إلا أن هذا «الجمهوري» من ولاية أركانسو تمكن من مفاجأة المستجوِبين مرتين خلال الأسابيع الأخيرة بمدى ترحيبه بحرب. ففي برنامج «فيس ذا نايشن» («واجه الأمة») الذي يذاع كل أحد، حل «كوتون» ضيفاً على البرنامج بعد وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي أكد على أن الأدلة تثبت أن إيران هي التي تقف وراء هجمات الخميس الماضي على ناقلتي النفط في مضيق هرمز. وعندما سألت مقدمة البرنامج مارجريت برينان ما إن كانت لدى الرئيس الصلاحية لضرب إيران، رفض «بومبيو» الفكرة لحسن الحظ قائلاً: «لا أريد الدخول في الافتراضات».
ولكن «كوتون» تبنى رأياً مختلفاً: «منذ أربعين عاماً انخرطت إيران في هذا النوع من الهجمات التي تعود إلى الثمانينيات، بل إن رونالد ريجان اضطر إلى تغيير علم كثير من السفن التي تمر عبر الخليج، قبل أن يقدم في نهاية المطاف على عمل عسكري ضد إيران في 1988. وبالتالي، فإن هذه الهجمات غير المبررة على الملاحة التجارية تستوجب ضربة عسكرية انتقامية».
برينان، التي بدت مذهولة من هذه الإجابة، سألت: «هل تشبّه حرب ناقلات النفط في الثمانينيات بالآن، وتقول إن ذاك هو نوع الرد العسكري الذي تريد رؤيته؟». كوتون أكّد التشبيه وإجابته المفضلة. ولكنه نسي أن العمل العسكري في عهد ريجان حدث بعد عدة سنوات ومئات الهجمات على ناقلات نفط من قبل كلا طرفي الحرب الإيرانية- العراقية. أما الوضع الحالي، فهو أكثر هدوءاً بكثير، ومع ذلك، يتوق «كوتون» إلى ضربة أميركية أخرى على بلد شرق أوسطي.
المفاجأة الأخرى ترتبط بمفاجأة الأحد، لأنها تُظهر لنا إجابة «كوتون» المقلقة على سؤال المتابعة البديهي: إذا لم تُردع إيران، فما هي الخطوة التالية؟ في مايو الماضي، ظهر «كوتون» على برنامج «فايرينغ لاين» («خط إطلاق النار») الذي يذاع على قناة «بي بي إس»، حيث سألته مقدمة البرنامج مارجريت هوفر: «هل نستطيع الفوز في حرب مع إيران؟»، فأجاب كوتون «أجل».
«كوتون»، الذي شارك عام 2003 في حرب العراق، يعرف دون شك أن عشرات الآلاف من الجنود لم تكن كافية آنذاك لـ«الفوز». ثم إن إيران أكبر مساحة من العراق بثلاث مرات وسكانياً بمرتين. وحتى الخطط العسكرية التي طلبها مستشار الأمن القومي الأميركي «جون بولتون» تتوقع إرسال ما يصل إلى 120 ألف جندي إلى المنطقة. وفضلاً عن ذلك، لا شيء في التاريخ الأميركي يوحي بأن «ضربتين» ستكونان كافيتين أو بأن أي تدخل عسكري في المنطقة سيكون شيئاً آخر غير عودة جنونية إلى المستنقع. والغريب أن حتى «كوتون» نفسه اعترف في عدد من المرات، بما في ذلك يوم الأحد، بأن التدخل الأميركي الأخير في ليبيا كان عملاً غير حكيم.
ترامب يواجه ضغوطاً من «الجمهوريين» داخل البيت الأبيض وخارجه، حتى يبقى معادياً تجاه إيران لأكبر قدر ممكن. المثالي هو أن يشجّع السياسيون «الجمهوريون» الأصغر سناً حذر الرئيس، وذلك بعد أن استوعبوا دروس العراق وأفغانستان، ناهيك عن العديد من التدخلات الأميركية الأخرى في الخارج.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»