قرر العراق تسليم ألف طفل أجنبي من أبوين إرهابيين إلى بلدانهم، وذكر تقرير صادر عن مجلس القضاء الأعلى في العراق، أن هؤلاء الأطفال من آباء سبق أن انتسبوا إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وأن أغلبيتهم الكبيرة تعود أصولهم إلى دول شرق أوروبا.
وأكد قاضي التحقيق في المحكمة الجنائية المركزية العراقية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب متابعة ملفات أكثر من 1000 طفل مودعين في دوائر الإصلاح العراقية من أبوين ينتميان للتنظيم الإرهابي المذكور.
حسناً فعلت المحاكم العراقية بقرارها ترحيل أبناء الـ«دواعش» إلى بلدانهم الأصلية، لأن هذه القضية مؤرقة للكثير من الدول التي سافر مواطنوها من أجل الانضمام إلى «داعش» في العراق وسوريا.
صحيفة «الجارديان» البريطانية، أكد مراسلها في العراق وجود نحو ثلاثة آلاف طفل ولدوا لأسر «داعشية» تم وضعهم في مخيمات شمال شرق سوريا، وأن أعمار الكثير منهم دون سن السادسة وأنهم يعيشون في ظروف مروعة.
وفي ظل هذه الأجواء المأساوية، هنالك أخبار سارة عن قبول المجلس الروحاني الإيزيدي عن قبول جميع الناجين من بنات الطائفة اللواتي تم خطفهن على أيدي مسلحي «داعش» وأنجبن أطفالاً نتيجة اغتصابهن، والسماح بعودتهن إلى مناطقهن ووسطهن الاجتماعي مع أطفالهن.
والسؤال الآن هو: هل ثمة بدائل أمام العراق غير إبعاد الأطفال الـ«دواعش» ومحاكمة ذويهم الأحياء، رجالاً كانوا أم نساءً، لانخراطهم في العمليات الإجرامية الإرهابية؟ القضية لها أبعاد قانونية وأمنية وسياسية وإنسانية. لذلك فقد وقعت مجموعة من الشخصيات الفرنسية، السياسية والحقوقية، على عريضة تطالب حكومة بلادها بإعادة الأطفال الفرنسيين المحتجزين في العراق وسوريا إلى وطنهم الأصلي فرنسا. ويرى هؤلاء أن التخلي عن الأطفال أمر مخالف للقيم الفرنسية، لأن أياً من هؤلاء الأطفال لم يختر أن يولد في تلك المنطقة أو ينضم إلى صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي، بل الحقيقة أنهم ضحايا للحرب ولما اقترفه ذووهم.
التقارير الدولية، تؤكد بأن أطفال «داعش» في العرق وسوريا يعانون من نقص الماء والغذاء والرعاية الصحية، وأنهم لذلك السبب قد يصبحون قنابل موقوتة في حالة إهمالهم من جانبهم المجتمع الدولي ورفض إعادتهم إلى أوطانهم.
ومن المفارقات الغريبة أن المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية، ركزت على أبناء الـ«دواعش» الأجانب الذين انضموا إلى الحرب داخل صفوف التنظيم المسلح في كل من سوريا والعراق، لكن لا أحد يتحدث عن أطفال الـ«دواعش» العرب الذين قُتل ذووهم في الحرب ذاتها أيضاً؟ فكم عدد هؤلاء الأطفال العرب؟ وما مصيرهم؟ ومَن يهتم بهم؟ وهل توجد جمعيات حقوق إنسان أو مجتمع مدني تهتم بمصيرهم؟
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يوجد أكثر من 3 ملايين و600 ألف لاجئ سوري مسجلين على الأراضي التركية.. لا نعرف ما هو مصيرهم، فهم كذلك ضحايا الحرب في المنطقة.. فهل يهتم المجتمع العربي بهم أو بأطفالهم، مثل ما يهتم الغرب بأطفال الـ«دواعش»؟
نأمل أن يزداد الاهتمام بالأطفال العرب، خصوصاً ضحايا الحروب الأهلية المنتشرة في العالم العربي.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت