يلعب الإعلام دوراً رئيسياً ومهماً خلال الأزمات على اختلافها، حيث يناط به كثير من المهام، بالإضافة إلى كونه وسيلة تواصل بين الناس.. لكن متى يجب أن تكون هناك خلية أزمة إعلامية؟ وما هو الدور الذي تلعبه مثل هذه الخلية في أوقات الأزمات؟
بسبب أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام نسلّط الضوء هنا على بعض الملاحظات التي تمس الأداء الإعلامي، لاسيما في الظروف الحالية، سواء الاجتماعية أو السياسية أو الطبيعية، ونتساءل: ما المطلوب للنهوض بالرسالة الإعلامية لكي تواكب حركة وتطور العصر والدفاع عن الأوطان وتوعية الشعوب؟
ما يستدعي الحديث عن الإعلام ودوره المحوري والمؤثر، هو ما تشهده منطقتنا من أحداث ساخنة، كما أن الكثير من الأزمات والأحداث الكبيرة التي شهدها العالم، كان للإعلام نصيب الأسد فيه، حيث استطاع التأثير في مجريات الأحداث بشكل ملحوظ، سلباً أو إيجاباً، حسب المحتوى.
لذا وجبت الإشارة إلى أن هذا الموضوع مدار البحث ليس سوى محاولة لرؤية دور الإعلام على حقيقته، وهل كان بحجم المسؤوليات التي تُلقى على كاهله في مواجهة الأزمات التي تمر بها المنطقة حالياً.
وتعتبر كلمة «أزمة» واسعة في معناها، ويصعب حصرها في قضية محددة، وهي من المفاهيم التي يصفها البعض بالمراوغة، إذ يصعب تحديدها. ويرى البعض أن ذلك يعود إلى الطبيعة الشمولية لهذا المصطلح، واتساع نطاق استخدامه، فهل يعني مثلاً أزمة الهوية أو الأخلاق، أو الأزمة الاقتصادية أو السياسية أو المجتمعية..؟ إن مصطلح أزمة هو مصطلح شمولي ناهيك عن خصوصية المنظور الذي ينظر من خلاله إلى هذه الأزمة أو تلك. لذا فقد نتج عن كثرة التعاريف، وتنوع المعالجات زيادة غموض هذا المفهوم.
ويحاول البعض الفصل بين مصطلح الأزمة وغيره من المصطلحات، كالمشكلة أو الحادث أو الصراع، مع أن هذه المصطلحات الثلاثة تقترب إلى حد ما من مفهوم الأزمة، وقد تتحول هذه الحالات إلى أزمة في حال لم يتم التصدي لها بشكل سريع ومتقن.
لابد من فهم العلاقة بين الإعلام والأزمات، فكما هو معلوم فإن إدارة الأزمات تعني من الناحية العلمية الاستعداد لما قد يحدث من أزمات أو كوارث، ووضع الخطط المناسبة للتعامل معها، بشكل يساعد على التنبؤ بها قبل وقوعها أولًا، ثم التقليل من الخسائر بعد وقوعها ثانياً. وهي مهمة تتطلب وجود إعلام متخصص ومدرب ومحصن.
والمتابع لتاريخ الشعوب على اختلافها، يلاحظ أن المجتمعات التي اعتمد رأس الهرم القيادي فيها على فرق خاصة وكفؤة في التعامل مع الأزمات، كانت مجتمعات أصلب عوداً وأكثر قدرةً على المواجهة على تخفيف خسائرها، من تلك المجتمعات التي انتهجت الارتجالية ومنهج رد الفعل والتصدي العشوائي للأزمات، مما يصيبها بالضعف والتفكك، خاصة أن الأزمات ليست حكراً على مجتمع بعينه، وإنما هي ظواهر تاريخية ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع المراحل. ولو تمعّنّا جيداً في تاريخ العالم لوجدنا أنه في كل مرحلة من مراحل التاريخ، توجد هناك أزمات كبرى تحرك الناس وتشعل الصراع وتحفز الإبداع وتمهد السبيل لمرحلة جديدة، أي أن التاريخ سلسلة أزمات تتخللها مراحل قصيرة من الحلول المؤقتة. ومن هنا نشأت أفكار جدية ونافعة ومفيدة من أجل دراسة وتحليل الأزمة ورصدها، ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر وتأخير الأزمة اللاحقة إن تعذر تعطيلها وإخمادها في مهدها.

* كاتب سعودي