اشتدت وتيرة القلق والتوتر في المنطقة والعالم بعد الاعتداءات الآثمة التي تعرضت لها سفن في مياه الخليج العربي خلال الأيام الماضية الأخيرة. والسؤال الآن هو: هل ستؤدي هذه العمليات الإرهابية إلى اندلاع الحرب بين الولايات المتحدة وإيران؟ وهل الحشود الأميركية الضخمة والتهديدات الإيرانية بضربها أو بإغلاق مضيق هرمز، ستدفع نحو الحرب؟
سياسة الرئيس الأميركي ترامب تجاه الدول والرؤساء المعادين للولايات المتحدة معلنة وواضحة، فهو يهدد هذه الجهات ويصعد الخطاب ضدها، ثم يفرض عقوبات اقتصادية صارمة، وبعدها يدعو إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ترامب أعلن أنه يريد التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران حول التسلح النووي وغيره من المشاكل العالقة بين البلدين، وليس شن حرب عليها.. ولعل هذا أيضاً ما يريده الرئيس الإيراني حسن روحاني، مما يعني أنه باستطاعة طهران تفادي الحرب إذا وافقت على الشروط الأميركية المتمثلة في اثنتي عشرة نقطة أهمها إبرام اتفاق نووي جديد ومختلف عن الاتفاق السابق، وتخلي طهران عن سياساتها الحالية الساعية لـ«تصدير الثورة» إلى الدول العربية ودول الجوار الخليجي.
الأمر شبه المؤكد هو أن الرئيس ترامب لن يبادر بإعلان الحرب ضد إيران طالما أنها لا تهدد المصالح الأميركية في الخليج ولا تتعرض، لأمن إسرائيل بشكل مباشر، ولا تمنع تدفق النفط إلى الأسواق العالمية.. والسبب يعود إلى عدم رغبة ترامب في الحرب أو التورط فيها لمدة غير معلومة، لأن الشعب الأميركي لا يرغب في دخول أي حرب جديدة، وقد عبّر أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب عن ذلك. إلا أن ترامب لن يتردد لحظةً في الرد العسكري على أي استفزازات إيرانية.
لكن ماذا عن طهران؟ وهل يمكن أن تقدم على المبادرة بإشعال فتيل الحرب؟
التقارير تؤكد أن إيران ليس لديها نية لضرب أهداف أميركية بشكل مباشر، لمعرفتها بأن ذلك سيكون بمثابة انتحار، إلا أنها قد تقوم باستفزاز إسرائيل وجرّها لمثل هذه الإجراءات المتطرفة ضد جيرانها، خاصة لبنان.
وتعول إيران في أي مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة على أتباعها في بعض الدول العربية، مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن. فهؤلاء الأتباع الذين يأخذون شكل أحزاب وميليشيات، مثل «الحشد الشعبي» في العراق و«حزب الله» في لبنان والحوثيون في اليمن.. لديهم الاستعداد لحمل السلاح والقتال تحت القيادة الإيرانية بشكل مباشر أو غير مباشر، لأنها اشترت ولاءهم بالمل وبالعاطفة المذهبية.. لذا فسيورط عملاء إيران أنفسهم وبلدانهم في أي حرب قد تنشب بينها وبين الولايات المتحدة، وستكون تلك البلدان أول ضحايا الحرب.
وتراهن القيادة الإيرانية على التضامن الداخلي ضد الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة، لاسميا وأن أطرافاً من المعارضة بدأت تطالب بتوحيد الصفوف وتأجيل الخلافات لمواجهة الولايات المتحدة التي تهدد المصالح القومية لإيران.
كما تراهن إيران على خوف وقلق المجتمع الدولي من ارتفاع أسعار النفط، مما قد يؤدي إلى تراجع السياسة الأميركية.
وأخيراً، علينا نحن عرب الخليج توحيد مواقفنا الرسمية وتأكيد الوحدة الوطنية لشعوبنا، من خلال تعزيز مفهوم المواطنة والولاء لدولنا.