هناك حملة همس في واشنطن ما زالت تبث في الأذهان وتستنتج أو تشير دون أي دليل معقول أن جو بايدن لن يستطيع الفوز ولا يستطيع الفوز بالترشيح عن الحزب «الديمقراطي» أو الانتخابات العامة. وحين توصل استطلاع للرأي أجرته (سي. إن. إن) إلى أن مستويات التأييد التي يتمتع بها نائب الرئيس السابق والسناتور الذي قضى فترة طويلة في الكونجرس أقل قليلا من 40% فإن الإصرار على هذا الرأي محير نوعا ما. وعلى كل حال، ألا يجب أن يكون الدخول الرسمي لمرشح وافر الحظ بشكل واضح في الساحة الديمقراطية سببا لاحتفاء حزب يتلهف على التخلص من الرئيس دونالد ترامب؟ الأمر ليس كذلك فيما يبدو.
النشطاء والمتنورون في اليسار ليسوا مستعدين بحال من الأحوال للاستقرار على بايدن كمرشح وبعض الأشخاص من داخل الحزب لا ينفكون يشيرون إلى كل العراقيل التي قد تعترض أكثر المرشحين خبرة. وجزء من الليبراليين مقتنعين أن قوة الدفع في الحزب «الديمقراطي» تكمن لدى النساء أو نوع جديد من الاشتراكيين الذين ينحدرون من العصر التالي لانهيار الاتحاد السوفييتي ولذا ينظرون إلى الاشتراكية ليس باعتبارها قمعاً أو انهياراً بل شيئاً عصرياً. وهذا الفصيل هو ما يرى أن مرشحهم المفضل أبعد ما يكون عن رجل أبيض متقدم في السن عاش أكثر من نصف قرن في معترك السياسة وله الكثير من المواقف المتوسطة التي تحتاج إلى تفسير.
وبحكم متابعتي عن كثب الحملات الرئاسية لما يقرب من أربعة عقود، لاحظت أن «الجمهوريين» يميلون إلى الخوف من المرشح «الديمقراطي» الأكثر شبها بهم. ويعتقد «الجمهوريون» دوماً أن «الديمقراطي» الأكثر شبهاً بهم هو الأكثر ميلاً للفوز بالانتخابات. وكان الاستثناء بالتأكيد باراك أوباما. فقد أثبت أوباما في نهاية المطاف، في عام 2008، أنه الأكثر قدرة على الفوز وهذا أرسى منظورا جديدا. وصرحت متحدثة باسم لجنة العمل السياسية «إيميليز ليست» التي تستهدف دعم مرشحات «ديمقراطيات» للفوز بمناصب لموقع فوكس (Vox) في مارس الماضي أن «معايير مثل الموثوقية والقابلية للحب والقابلية للانتخاب هي شفرة فحسب نستخدمها ضد المرشحين الذين ليسوا على الشاكلة التي اعتدناها».
ربما جعل ترامب الجميع يعيدون التفكير في الصيغ القديمة ويصبحون أكثر تقلبا في التنبؤات. صحيح أن نيت سيلفر من موقع «فايف ثيرتي ايت» (538) لتحليل استطلاعات الرأي أقر أن بايدن يتمتع بتقدم واضح وسط الناخبين السود لكنه أشار إلى أن السيناتورة «الديمقراطية» كامالا هاريس والسيناتور «الديمقراطي» كوري بوكر قد يتقدمون على بايدن في هذا المضمار مع تقدم السباق. وأشار ديفيد جراهام يوم الأربعاء أن بايدن هو المرشح الوحيد «الذي يمثل النظرة إلى الخلف» في ساحة مليئة بالتقدميين المعتمدين.