منذ أن صممت دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز متانة اقتصادها وتحفيز نموه وتطويره وتنميته، اتخذت العديد من الآليات والوسائل اللازمة لذلك، من خلال التوجه نحو سياسات التنويع الاقتصادية والانتقال إلى اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والابتكار، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تكثيف الإنفاق الحكومي على تلك القطاعات، وخاصة في المجالات الاجتماعية والقطاعات الحيوية غير النفطية. وفي شهادة جديدة، تشيد بمتانة وقوة الاقتصاد الإماراتي، ذكرت مجلة «ميد»، أن اقتصاد دولة الإمارات يتجه نحو الانتعاش، قاطعاً شوطاً طويلاً في رحلته للتنوع؛ بسبب زيادة الإنفاق الحكومي، وإعلان جهات عدة في الدولة، زيادة الإنفاق على المشروعات الحكومية؛ بغية الإسهام في تحفيز الاقتصاد الوطني، وحزمة من المحفزات الاستثمارية التي أعلنتها حكومة أبوظبي العام الماضي، وهي التي بلغت قيمتها الإجمالية 50 مليار درهم، إضافة إلى نمو الطلب الداخلي على الائتمان، والتحسن اللافت للنظر في كل من معدلات التوظيف وأعداد السائحين المتدفقة على الدولة؛ الأمر الذي عزز من الانتعاش الاقتصادي وأحدث تغييراً جذرياً في هيكل الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وانعكس بشكل كبير على ازدهار القطاعات الحيوية.
إن البيئة الاقتصادية لدولة الإمارات، تتميز بالعديد من الخصائص التي أسهمت في تعزيز النمو وانتعاش الاقتصاد، برغم حالات الركود التي شهدها الاقتصاد العالمي؛ فدولة الإمارات تحتفظ باحتياطات مالية قوية وقطاع مصرفي متين، تمكّن من الاستمرار في توفير التمويل اللازم لكل المشروعات الحكومية، وتمكنها من الوفاء بالتزاماتها المالية من دون أي تعثر؛ وهو ما جعل التوقع من صندوق النقد الدولي، بزيادة نمو إجمالي الصناديق الاحتياطية الرسمية لدولة الإمارات؛ ليصل إلى 118.4 مليار دولار عام 2020، كما سينمو فائض الحساب الجاري إلى 33.4 مليار دولار بحلول العام نفسه.
وعودة إلى أهمية الإنفاق الحكومي في انتعاش الاقتصاد لدى دولة الإمارات، نجد أن السياسات والاستراتيجيات الحكومية، تتوجه نحو مواصلة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية في مختلف أرجاء الدولة، وهي التي تشتمل على الإنفاق وشبكات الطرق والمباني الاتحادية، والعديد من النشاطات التي تسهم في تقوية القطاعات الحيوية الأخرى وزيادة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي؛ كقطاعات السياحة والتجارة والنقل وغيرها. وقد تمكنت دولة الإمارات من تعزيز مكانتها التنافسية في المؤشرات الاقتصادية العالمية؛ حيث حصلت الدولة على المركز الأول إقليمياً والسابع عالمياً، في التنافسية العالمية؛ وفقاً لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2018، الصادر عن مركز التنافسية العالمي، وهو التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، والذي يقيس تنافسية الدول، عبر أربعة محاور رئيسية؛ هي: الأداء الاقتصادي، والكفاءة الحكومية، وفعالية بيئة الأعمال، والبنية التحتية. كما حققت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً، في مؤشري كفاءة القرارات الحكومية، وتوافر الخبرات والمواهب.
لقد احتفظت دولة الإمارات بمكانة اقتصادية متقدمة على المستوى العالمي؛ نظراً إلى اهتمامها بزيادة إنفاقها الحكومي، الذي يعد ضمانة مهمة ورئيسية للنمو والتطور؛ حيث تفوقت على 136 دولة في مؤشر التنافسية الدولية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي؛ لتحتل المركز الأول عالمياً في كفاءة الإنفاق الحكومي، إلى جانب حصولها على المرتبة الأولى عالمياً في المشتريات الحكومية لمنتجات التكنولوجيا العالية وفي القدرة الإبداعية؛ وهو ما يؤكد مواكبتها لكل المجالات التي تدعم الاقتصاد في عصر ما بعد النفط، وخصوصاً إزاء كل ما يتعلق بالتكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الرابعة.
إن تبني دولة الإمارات مبادرات تهدف إلى تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، والاستخدام الأمثل للموارد المالية في القطاعات الحيوية، وتحقيق التكامل بين الجهات الاتحادية والمحلية وحماية الاستقرار الاقتصادي في الدولة، جعلها تكثّف من الإنفاق في المجالات ذات الأولوية؛ كالصحة والتعليم، وهي التي تفيد الاقتصاد الوطني، مركّزة على مقدار حاجة المجتمع إلى المشروعات التي تحقق المنفعة الجماعية، والاهتمام بنوعية الإنفاق اللازم لتحفيز الابتكار والإنتاجية في الأسواق المحلية؛ وبوصفه إحدى أهم الآليات اللازمة للحفاظ على الاستدامة بشتى أنوعها، وتطبيق الاستراتيجيات التي تصبّ في مصلحة رأس المال البشري والبنية الأساسية والاستثمار، وبما يحقق المساواة وتكافؤ الفرص، ويضمن للأجيال مستقبلاً مزدهراً ومستقراً.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية