يشهد القطاع السياحي نمواً لافتاً للنظر وتقدماً مطرداً يعزز مكانة الإمارات على خريطة الوجهات السياحية الأكثر جذباً في العالم، وهذا ما تعكسه العديد من المؤشرات الإيجابية في هذا الشأن، فوفقاً لتوقعات مجلس السفر والسياحة العالمي تستحوذ الإمارات على 27.3% من عدد السياح الدوليين في الشرق الأوسط العام الجاري، بواقع 21.4 مليون سائح من إجمالي السياح الدوليين في الشرق الأوسط البالغ 78.4 مليون سائح، كما بلغت حصة الإمارات من إجمالي إنفاق السياح الدوليين في الشرق الأوسط العام الماضي نحو 37%، بواقع 136.8 مليار درهم مقابل 374.6 مليار درهم إجمالي إنفاق السياح بالمنطقة، ويتوقع أن يرتفع إجمالي إنفاق السياح في الدولة إلى 142.4 مليار درهم العام الجاري، وأن ينمو بمعدل 4.5% سنوياً ليصل إلى 220.7 مليار درهم بحلول عام 2029. كما بلغت حصة الإمارات من إجمالي الوظائف التي يوفرها القطاع في الشرق الأوسط 11.3%، حيث بلغ عدد الوظائف التي وفرها القطاع في الإمارات العام الماضي 611.7 ألف وظيفة، في حين بلغ إجمالي الوظائف في الشرق الأوسط التي يوفرها القطاع 5.4 مليون وظيفة. وتوقع المجلس أن ينمو عدد السياح الدوليين في الإمارات بحلول عام 2029 إلى 35.6 مليون سائح دولي، فيما بلغت المساهمة الإجمالية لقطاع السفر والسياحة بالناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نسبته العام الماضي 11.1% بواقع 164.7 مليار درهم، بنمو 2.4% مقارنة بعام 2017.
هذه التوقعات الإيجابية الصادرة عن مجلس السفر والسياحة العالمي تشير بوضوح إلى نجاح الإمارات في تحقيق إنجازات نوعية في وقت قياسي في قطاع السياحة الذي بات أهم القطاعات الواعدة التي ترتكز عليها مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة، وخاصة أنه يمتلك مقومات وقدرات تنافسية عالية المستوى والجودة، تعزز مكانة الإمارات على خارطة السياحة العالمية، لعل أهمها الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي الذي تنعم به الدولة، مقارنة بالعديد من دول المنطقة، بجانب تمتع الدولة ببنية تحتية تضاهي المستويات العالمية في العديد من المجالات، علاوة على ما تزخر به الدولة من مشروعات سياحية متنوعة تمكّنها من المنافسة بقوة في هذا المجال، الذي يتجاوز في أهميته المنفعة الاقتصادية البحتة، إلى الحديث عن سمعة الدولة عالمياً ومكانتها على الساحة الدولية، لعل أبرزها متحف «اللوفر- أبوظبي» الذي افتتح عام 2017، ويعتبر أول متحف على مستوى العالم يقدم حواراً ثقافياً بين مختلف الثقافات الإنسانية، كما تمثل الإمارات جاذبية سياحية متجددة لقطاع كبير من «سائحي النخبة» الذين يبحثون عن أشكال جديدة من السياحة واستكشاف مناطق سياحية واعدة، كسياحة السفاري وتسلق الكثبان الرملية، وهذه الأنواع متوافرة في صحراء ليوا التي تتمتع بجاذبية فريدة.
ينطوي قطاع السياحة على أهمية كبيرة في النمو الاقتصادي لأي بلد، ليس فقط لأنه يمثل أهم مصادر الدخل القومي، وإنما أيضاً لأنه يعد واجهة حضارية تعكس مستوى التطور الذي تشهده أي دولة في المجالات المختلفة، وهذا ما أدركته الإمارات منذ سنوات، حيث تبنت استراتيجية متكاملة تستهدف تطوير هذا القطاع الحيوي، باعتباره الركيزة في تنفيذ سياستها في مجال تنويع القاعدة الاقتصادية، فقد كان هذا الهدف أحد أهم محاور الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات ضمن أعمال دورتها الثانية في أبوظبي في شهر نوفمبر الماضي، التي خرجت بالعديد من المبادرات البناءة الهادفة إلى استدامة قطاع السياحة ومستقبله في ظل التغيرات السريعة وزيادة التنافسية العالمية. في الوقت ذاته، فإن وزارة الاقتصاد تعمل على تنفيذ العديد من المبادرات الأساسية لترسيخ مكانة الإمارات على خريطة السياحة العالمية، بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية على الصعيدين الاتحادي والمحلي، تشمل استحداث رؤية واستراتيجية مشتركة للقطاع السياحي على مستوى الدولة، قائمة على استشراف التحديات والفرص المستقبلية وتعزيز التحول الرقمي للخدمات في القطاع، والربط مع توجهات الدولة في الانتقال إلى اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والإبداع.

 *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.