تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً بالغاً لحماية وحفظ كرامة الإنسان وحقه في العيش بكرامة انسجاماً مع المواثيق الدولية الخاصة بصون هذه المبادئ، حيث لا تسمح الدولة بالنيل من حقوق البشر على أرضها مهما اختلفوا في الدين أو العرق أو اللغة. ومنذ أن دشّنت حملتها الرسمية لـ«مكافحة الاتجار بالبشر» وإصدارها قانوناً اتحادياً في عام 2006 لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر والمعدّل في عام 2015، تعمل دولة الإمارات على تنفيذ أشد العقوبات بحق من يرتكب هذه الجريمة، وهو ما تعزز لاحقاً بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في عام 2007، بهدف وضع استراتيجيات وآليات للدعم القانوني والاجتماعي وتبادل الخبرات والمعلومات مع المجتمع الدولي حول أفضل السبل لحماية ضحايا الاتجار بالبشر ومكافحة الجرائم الخاصة بها.
وخلال مؤتمر صحفي عقد مؤخراً في مقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي، أعلن الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، أن دولة الإمارات تصدّت العام الماضي، لـ30 قضية اتجار بالبشر، حيث ذكر التقرير السنوي الصادر عن اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، أن عدد ضحايا جرائم الاتجار بالبشر بلغ 51 شخصاً من النساء والأطفال في عام 2018، إذ قامت اللجنة بجهود ضخمة لمكافحة هذه الجرائم، من خلال تدريب وتأهيل جهات إنفاذ القانون والعاملين على مكافحتها، للتعرف على جميع أشكال الاتجار بالبشر، وأطلقت برامج توعية لتعريف الجمهور بخطورتها وسبل الإبلاغ عنها، مؤكداً معاليه التزام الدولة بالعمل مع الشركاء على المستوى الوطني والدولي، لدعم الجهود المشتركة للتصدي لجميع صور الاتجار بالبشر، انطلاقاً من مبدأ أساسي يقوم على أن حماية واحترام الكرامة الإنسانية هو الدافع الأساسي نحو مكافحة هذه الجريمة.
وعلى مدار سنوات عديدة، تكافح الجهات المسؤولة في دولة الإمارات كل صور الاستغلال للبشر أو استغلالهم بأي شكل من الأشكال، ومنذ عام 2008، بادرت دولة الإمارات بإنشاء مراكز لإيواء وتأهيل ضحايا الاتجار بالبشر، لتشكل حاضنةً آمنةً للضحايا وتقدم لهم الدعم والتشجيع والمساندة والحماية والتأهيل وتأمين عودتهم إلى أوطانهم أو بلدان أخرى. كما جاء قرار اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في عام 2013 إنشاء صندوق لدعم ضحايا الاتجار بالبشر لمساعدتهم على توفير الاحتياجات الأساسية التي تسهِّل حياتهم المستقبلية، والتنسيق مع المنظمات الدولية للقضاء على هذه الجرائم، انطلاقاً من إعلاء مكانة الإنسان وكرامته التي تحفظها الشرائع والقوانين كافة.
ويعدّ صندوق دعم ضحايا الاتجار بالبشر، إحدى مبادرات اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، إحدى أهم الأذرع الوطنية التي تقدم الدعم النفسي والمالي لضحايا الاتجار بالبشر، حيث قدم في عام 2018 ما قيمته 99 ألفاً و500 درهم للضحايا الموجودين في دور الرعايا والإيواء التابعة للدولة، لتصل قيمة المساعدات التي قدمها منذ إنشائه إلى نحو 763 ألف درهم، تبرع بها رجال الأعمال والجمعيات الخيرية، بهدف إعانة الضحايا قبل مغادرتهم الدولة، وتزويدهم بالمساعدة المالية ليتمكنوا من التخلص من أزماتهم المالية، ولضمان استقلالهم المالي، حتى لا يتم التغرير بهم مستقبلاً، بوصف العوز والفقر من أبرز الأسباب التي توقعهم في هذا الفخ.
وفي إطار حرصها على تعزيز التعاون الثنائي والدولي في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتبادل التجارب والمعلومات وأفضل الممارسات في هذا الخصوص، وقعت دولة الإمارات عشرات الاتفاقيات مع الحكومات والمنظمات الدولية العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، كما شاركت الدولة في تأسيس مجموعة «أصدقاء متحدون لمكافحة الاتجار بالبشر في الأمم المتحدة»، ودعمت الخطة العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، إضافة إلى انضمامها إلى نظام «بالي» لمكافحة التهريب والاتجار بالبشر. وتمكنت دولة الإمارات من تحقيق منجزات مميزة في مكافحة الجريمة المنظمة بشكل عام، وجريمة الاتجار بالبشر بشكل خاص، وطنياً ودولياً، مؤمنةً بتضافر الجهود على الصعد المحلية والدولية لحماية وصون حقوق الإنسان، وتعزيز التنسيق والعمل المشترك لمكافحة الاتجار بالبشر، ضمن ركائز متعددة تقوم على الوقاية والملاحقة القضائية والعقاب وحماية الضحايا.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية